ماهي أنواع الأموال الربوية


١ مقدمة

يعتقد كثيرٌ من النّاس أنّ الرِّبا لا يشمل من الأموال إلا النّقود التي يتعاملون بها، إلا أنَّ هذا الاعتقاد خاطئٌ؛ حيث تتنوّع الأموال الربويّة بتنوُّع التّعاملات البشريّة بين الناس، حتّى إنّها ربّما تشمل غالب ما يجري التّعامل فيه بينهم، وقد جاء بيان بعض أصناف الأموال الربويّة في الأحاديث النبويّة الصّحيحة، بعد أن نبَّه القرآن الكريم إلى حُرمَة التّعامل بالرِّبا.
بعد ذلك استنبط علماء الفقه والأصول من أصناف الأموال الربويّة أصنافاً أخرى يجري فيها الرِّبا، ولم تُذكَر في الأحاديث النبويّة على أنّها من الأموال الربويّة، ويرجع أصل استنباطهم إلى العلّة من تحريم التّفاضُل في التّعاملات التجاريّة بين تلك الأصناف، فقد طبّق علماء الأصول العِلّة الموجودة في تلك الأصناف على ما يُشابِهها من الأصناف التي لم تُذكَر في الأحاديث النبويّة على أنّها من الأموال الربويّة، ثمّ أعطوها نفس الحُكم الأصليّ للأصناف الربويّة الواردة في الأحاديث، وفي هذه المقالة ستُذكَر تلك الأصناف التي أشارت إليها الأحاديث النبويّة، والعلّة في تحريم التّعامُل بها ماليّاً أو تجاريّاً

٢ تعريف الرِّبا :

ف الرِّبا الرِّبا لُغةً:/ مصدرها رَبَوَ ورَبا، ورَبا الشّيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً؛ أي:/ زَادَ وَنَمَا، وأَرْبَيْتُه:/ نَمَّيتُه./الرِّبا اصطِلاحاً:/ للرّبا في الاصطلاح عدّةُ تعريفاتٍ، منها:/ تعريف الحنفيّة للرِّبا:/ الفضل الخالي عن العِوَض المَشروط في البيع./تعريف الشافعيّة للرِّبا:/ اسمٌ لمُقابلة عِوَضٍ بعِوَضٍ مخصوص، غير معلوم التّماثل في معيار الشّرع حالة العقد، أو تأخُّرٍ في البَدلَين، أو في أحدهما، ويُقصَد بقوله:/ (مقابلة عِوضٍ بعوضٍ مخصوص)؛ ما كان القصد من البيع والتّجارة في المعاملات، لا ما كان الهدف منه الهِبة أو العطيّة التي لا تقوم على أساس مقابلة شيءٍ بشيءٍ، بل تكون قائمةً على التبرُّع، أمّا (العوض المخصوص) فيُقصَد به:/ أنواع الربويّات التي جاء بيانها في نصوص السُّنة النبويّة، ويُقصَد بقوله (غير معلوم التّماثُل)؛ أنّ الجنس إذا اتّحد بين الربويّات من الأموال فلا يجب أن يجري التّبادل فيهما، إلا إذا كانا مُتماثلَين من حيث القيمة أو القدر، أمّا إذا اختلف الجنسان فلا يُشترَط التَّماثل عند المُبادلة، أمّا قوله (أو تأخُّر البَدلَين أو أحدُهما)؛ فلأنّ الاتّفاق على تأخير أحد البدَلَين يُعدّ من أنواع الرِّبا المنهيّ عنها؛ وهو ربا النّسيئة

٣ أنواع الاموال الربوية:

أكد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الكثير من الأحاديث النبوية عن الربا أنه يوجد عدة أنواع منها والتي تتمثل في القمح والشعير والحنطة والذهب والفضة وملح والتمر، وفقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأموال الربوية. (الذَّهبُ بالذَّهبِ تِبرُها وعينُها، والفضَّةُ بالفضَّةِ تِبرُها وعينُها، والبُرُّ بالبُرِّ مُديٌ بِمُديٍ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ مُديٌ بِمُديٍ، والتَّمرُ بالتَّمرِ مُديٌ بِمُديٍ، والملحُ بالملحِ مُديٌ بِمُديٍ، فمن زادَ أوِ ازدادَ فقد أربى، ولا بأسَ ببيعِ الذَّهبِ بالفضَّةِ والفضَّةُ أَكثرُهما يداً بيدٍ، وأمَّا النّسيئةُ فلا ولا بأسَ ببيعِ البرِّ بالشَّعيرِ والشَّعيرُ أَكثرُهما يدًا بيدٍ، وأمَّا نسيئةً فلا) فعلى المرء أو البائع والمشتري في تلك الأنواع أن يبيع أو يشترى بالتفاضل وفي حالة حدوث تفاضل في بيع أو شراء تلك الأشياء فهنا يحدث الربا، ولا يجوز أيضا بيع تلك الأشياء مقابل بعضها البعض لأجل حيث يطلق على ذلك النوع من الربا ربا النسيئة، وقد أشار العلماء أن التلاعب الذي يحدث اليوم من حيث أنواع الأموال الربوية لا أساس له من الصحة فكل ما أشترك مع تلك الأشياء أو يتبع نهجها فهي أموال ربوية. بمعنى أن النقود الورقية تتبع الفضة والذهب حيث أن جميع تلك الأشياء يطلق عليها نقدا، والذرة نجده مشتركا مع القمح والشعير والملح يشترك مع كل ما يتم وضعه على الطعام من أجل تحسين مذاقة وغيرها من الأشياء طالما وجد أشتراك بينهم وبين الأموال الربوية ظهرت العلة.

٤ العِلّة في تحريم الرِّبا :

اختلف العلماء في عِلّة تحريم الرِّبا، وقد انقسموا في ذلك إلى رأيَين رئيسَين؛ فمِن قائلٍ إنّ الرِّبا مُعلَّلٌ ببعض العِلل، وإنّ ما اشتُرِط في العِلّة مع أصناف الرِّبا إنّما يأخذ حُكمَه، إلى قائلٍ إنّ الرِّبا غير مُعلَّلٍ بعِلّة، ولا يجري الرِّبا إلا في ما جاء النَّص النبويّ بكونه رِباً، وبيان أقوالهم فيما يأتي:/ يرى جمهور الفقهاء أنّ العِلّة في تحريم الرِّبا تنحصر في:/ المَكيلات والمَوزونات:/ وهي كلّ شيءٍ يمكن وَزنه أو كَيله بالصّاع والمُدّ، ويتبعها الكيلوغرام في الزّمن الحاضر./المطعومات:/ هي أيّ شيءٍ قابلٍ لكونه مطعوماً، مثل:/ التّمر، والملح، وغيرهما./المُدَّخرات:/ هي ما يتمّ ادّخاره للمستقبل؛ بقصد استخدامه في القوت اليوميّ، مثل:/ التّمر، والجميد، والزّبيب، وغير ذلك ممّا يُدَّخَر في المنازل، وذلك قياساً على أصناف الرِّبا الستّة سابقة الذِّكر./وقد وصل علماء الأصول إلى هذه العِلّة عن طريق القياس، ثمّ محّصوا تلك العِلّة بعد تدبُّرٍ وتفكُّرٍ وتأمُّل، وإمكانيّة صلاحيّة تطبيق حُكم الأصل في الأصناف الربويّة الستّة على هذه الأصناف الأخرى، فوصلوا إلى أنَّ هذه العِلّة مناسبةٌ لأن تكون سبباً لتحريم التّفاضُل فيما اتّحد في الجنس بين تلك الأصناف، وعليه يكون كلّ ما اشترك مع أيِّ صنفٍ من تلك الأصناف الستّة في العِلّة قابلاً لأن يجري فيه الرِّبا، ولا يجوز في التّعامل فيه التّفاضُل أو التّأخير إذا اتّحد الجنس./رأى فريقٌ آخر من علماء الأصول والفقه أنّ هذه العلّة لا تصلح لإثبات الحُكم على غير هذه الأصناف الستّة، وأنّ الرِّبا غير مُعلَّل بعِلّة، ومِن أنصار هذا الرّأي ابن حزمٍ الظّاهري، فلا يجري الرِّبا عند أصحاب هذا القول إلا في الأصناف الستّة التي ذكرها الحديث النبويّ الشّريف عملاً بالنصّ، وهو قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:/ (الذَّهبُ بالذَّهبِ تِبرُها وعينُها، والفضَّةُ بالفضَّةِ تِبرُها وعينُها، والبُرُّ بالبُرِّ مُديٌ بِمُديٍ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ مُديٌ بِمُديٍ، والتَّمرُ بالتَّمرِ مُديٌ بِمُديٍ، والملحُ بالملحِ مُديٌ بِمُديٍ، فمن زادَ أوِ ازدادَ فقد أربى، ولا بأسَ ببيعِ الذَّهبِ بالفضَّةِ والفضَّةُ أَكثرُهما يدًا بيدٍ، وأمَّا النّسيئةُ فلا ولا بأسَ ببيعِ البرِّ بالشَّعيرِ والشَّعيرُ أَكثرُهما يدًا بيدٍ، وأمَّا نسيئةً فلا)./فكما اعتمد أصحاب القول الأوّل على هذا الحديث لإثبات الحُكم الشرعيّ نفسه بعلّة الادّخار، أو الطّعم، أو المَكيل، أو الموزون، أو المقتات فيما اشترك مع تلك الأصناف الستّة في العِلّة، فقد اعتمد نُفاة مسلك السَّبر والتّقسيم على الحديث نفسه؛ لنفي إمكانيّة العمل بتلك العِلّة، بدليل أنّه لو كان بينهما اشتراكٌ في العِلّة لجرى ذِكر ذلك صراحةً في النّصوص الشرعيّة، وحيث لم يحدث ذلك فيكون من المتعذّر تطبيق تلك العِلَل على غير تلك الأصناف

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ https://mawdoo3.com/
    ٢ https://www.almrsal.com/post/758621