قصة مريم العذراء رضي الله عنها


بواسطة التلميذ(ة):
قصة مريم العذراء رضي الله عنها

١ مقدمة

قَصَّ الله -سبحانه وتعالى- على نبيه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بعض قصص وأخبار السّابقين؛ لِحِكَمٍ كثيرةٍ منها: تثبيت فؤاده في مواجهة أعداء الدعوة الإسلامية، ووعظ المؤمنين وغيرهم، ومن تلك القصص قصة السيدة مريم العذراء عليها السَّلام، وهي الصِّدِّيقة مريم بنت عمران، أمُّ عيسى عليهما السَّلام، من بني إسرائيل، وأمّها حنة بنت فاقوذا بن قبيل، وزكريا عليه السّلام زوج خالتها، وقيل زوج أختها.
وفيما يأتي تعريفٌ موجز بقصة مريم العذراء عليها السّلام، وببعض ما يُستفاد منها من عِبَرٍ وعظات

٢ قصة السيدة مريم العذراء:

كان عمران والد مريم العذراء عليها السّلام، وزوجته حنة أمُّ مريم عليها السّلام، من أكثر النّاس صلاحًا وتقوى، وكان من شِدة حب حنة لله سبحانه وتعالى، وطاعتها له، أنّها لمّا حَمَلَتْ نَذَرَتْ ما في بطنها خالصًا لخدمة بيت المقدس، وقيل نذرت قبل أن تحمل؛ فقد رُوِيَ في سبب النّذْر أنّها كانت كبيرة لا تَلِد؛ فنذرت إن رُزِقَت بمولودٍ أن تَجعله خالصًا لله، وأثناء حَمْلِها توفي زوجها عمران؛ ، فولدت حنة مولودتها يتيمة الأب، و كانت العادة بأن يكون خَدَم بيت الله من الذكور، ولكنّها وَلدت أنثى؛ فشعرت بالحزن؛ لخشيتها من عدم قدرتها على الوفاء بالنّذر على الكمال المطلوب، قال تعالى:/ "فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ"، أي أنّ الذكر ليس كالأنثى في القيام بخدمة بيت المقدس، والمكوث فيه، ثم أسمتها مريم، ومعناه العابدة لله، وعّوَّذّتْها وذريتها من الشَّيْطان الرَّجيم، وفي هذا السياق قال رسول صلّى الله عليه وسلّم:/ "ما مِن مَولودٍ يولَدُ إلَّا والشَّيطانُ يَمَسُّه حين يُولَدُ، فيَستهِلُّ صارِخًا مِن مَسِّ الشَّيطانِ إيَّاه، إلَّا مَريمَ وابنَها"، ثمَّ يقولُ أبو هريرةَ:/ "واقرَؤوا إن شِئتُم:/ "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ""./ ، وقد تقبلها الله -سبحانه وتعالى- بقَبول حسن، وتولاها بعنايته، وكَفَّلها زكريا عليه الصّلاة والسّلام، أي جعله كافلًا لها وضامنًا لمصالحها؛ فنشأت في بيت نبي أكرمها ورباها أحسن تربية، وعندما بلغت سن التكليف، اتخذ لها محرابًا داخل المسجد، تتعبد فيه، لا يدخله غيرها، ولا يدخل عليها المحراب إلّا زكريا عليه السّلام، وكان كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رِزْقا، وقيل كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء./قال تعالى:/ "إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" ، وكانت مريم العذراء -عليها السّلام- تُقيم في محرابها؛ متفرغة للعبادة، ولا تخرج منه إلا لقضاء حاجة ضرورية، وذات يوم خرجت لقضاء حاجة شرقي بيت المقدس، فأرسل الله -سبحانه وتعالى- إليها جبريل -عليه السّلام- في صورة بشر؛ فلمّا رأته استعاذت بالله منه؛ فأخبرها أنه رسول الله إليها جاء يبشرها بغلام زكي، وقد شاءت إرادة الله -سبحانه وتعالى- أن تحمل مريم العذراء بعيسى -عليه السلام- من غير أب؛ ليكون ذلك معجزة دالة على قدرة الله سبحانه وتعالى، وخلال حملها اعتزلت مريم العذراء النّاس، وبعد انقضاء مدة الحمل جاءها مخاض الولادة، وهي وحيدة بعيدة، تتمنى لو أنها ماتت قبل حدوث هذا الأمر، إلا أن الله جلَّ وعلا لم يتركها؛ فقد أسندها إلى شجرة نخيل تأكل من رطبها، و أجرى تحت قدميها جدول ماء عذب، قال تعالى:/ "وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا، فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا، قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا، قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا، قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا، قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا، فَحَمَلَتهُ فَانتَبَذَت بِهِ مَكانًا قَصِيًّا، فَأَجاءَهَا المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هـذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا، فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا، وَهُزّي إِلَيكِ بِجِذعِ النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا، فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا" وعندما جاءت إلى قومها، وهي تحمل طفلها بين يديها؛ استقبلوها بالتعجب والاستنكار والاتهام، قال تعالى:/ " فَأَتَت بِهِ قَومَها تَحمِلُهُ قالوا يا مَريَمُ لَقَد جِئتِ شَيئًا فَرِيًّا، يا أُختَ هارونَ ما كانَ أَبوكِ امرَأَ سَوءٍ وَما كانَت أُمُّكِ بَغِيًّا "، لكنها لم تجبهم؛ بل أشارت إلى عيسى عليه السّلام، الذي أنطقه الله - سبحانه وتعالى - وهو لا يزال طفلًا رضيعًا؛ فقال معرفًا بنفسه، ومثبتًا ومؤكدًا براءة وعفة وطهارة والدته، فيما يرويه الله سبحانه وتعالى عنه:/ "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

٣ ملخص القصة:

مما يستفاد من قصة السيدة مريم العذراء عليها السّلام معرفة أنّها من خير نساء العالمين؛ فهي العابدة الزاهدة التقية النقية، وهي الصِّدِّيقة والعذراء والبتول، ومعرفة أن ولادتها عيسى -عليه السلام- معجزة من معجزات الله -سبحانه وتعالى- التي تشهد على قدرته وعظمته جلّ وعلا ، وأنّها وابنها من خير عباد الله، إذ كَرّمهما وأيدهما بالمعجزات، وفي قصتها ما يدل على حفظ الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، وعلى أهمية الأخذ بالأسباب، مع حُسن الظن بالله، والتوكل عليه جلَّ وعلا

٤ ذكر السيدة مريم العذراء في القرآن الكريم:

أثنى القرآن الكريم على السيدة مريم العذراء عليها السّلام، وسمى باسمها سورة كاملة، هي سورة مريم، وذَكَرَها أيضًا في سورِ:/ آل عمران، والأنبياء، والتحريم، ومِنْ ذلك قوله تعالى في سورة التحريم:/ "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ "وقوله تعالى في سورة آل عمران:/ "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وقوله تعالى في سورة الأنبياء:/ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ وزي وزي
    ٢ ويكيبيديا