الثقب الأسود


بواسطة التلميذ(ة):
الثقب الأسود

١ مقدمة

الثقب الأسود هو منطقة موجودة في الزمكان (الفضاء بأبعاده الأربعة، وهي الأبعاد الثلاثة بالإضافة إلى الزمن) تتميز بجاذبية قوية جداً بحيث لايمكن لأي شيء - ولا حتى الجسيمات أو موجات الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الضوء - الإفلات منها.
تتنبأ النظرية النسبية العامة بأنه يمكن لكتلة مضغوطة بقدر معين أن تشوه الزمكان لتشكيل الثقب الأسود.
يُطلق على حدود المنطقة التي لا يُمكن الهروب منها اسم أفق الحدث.
وعلى الرغم من أن عبور حدود أفق الحدث له تأثيرات هائلة على مصير وظروف أي جسم يعبُره، إلا أنه لا تظهر أي خصائص يُمكن ملاحظتها لهذه المنطقة.
يعمل الثقب الأسود بصفته جسما أسودا مثاليا، لأنه لا يعكس أي ضوء.
علاوة على ذلك، تتنبأ نظرية المجال الكمي في الزمكان المنحني بٱنبعاث إشعاع هوكينج آفاق الحدث، بنفس الطيف الذي يتسم به الجسم الأسود لدرجة حرارة تتناسب عكسيا مع كتلته.
درجة الحرارة هذه على حدود جزء من مليار من الكلفن للثقوب السوداء من الكتلة النجمية، مما يعني استحالة ملاحظتها.

٢ تاريخ مفهوم الثقوب السوداء:

كان طرح فرضية إمكانية وجود مثل هذه الظاهرة هو اكتشاف رومر أن للضوء سرعة محددة، وطرح هذا الاكتشاف تساؤلاً وهو لماذا لا تزيد سرعة الضوء إلى سرعة أكبر؟ وفُسِّر ذلك على أنه قد يكون للجاذبية تأثير على الضوء، وكتب جون مينشل من هذا الاكتشاف مقالاً عام 1783 م أشار فيه إلى أنه قد يكون للنجم الكثيف المتراص جاذبية شديدة جدًا حتى أن الضوء لا يمكنهُ الإفلات منها فأي ضوء ينبعث من سطح النجم تعيده هذه الجاذبية.[146] وهناك فرضية تقول أيضًا أنه يوجد نجوم عديدة من هذه النجوم لا يمكننا أن نرى ضوءها؛ لأنها لا تبعثه لكننا نستطيع أن نتحسس جاذبيتها، وهذه النجوم هي ما نسميها بـ الثقوب السوداء أي الفجوات في الفضاء، وقد أهملت هذه الأفكار؛ لأن النظرية الموجية للضوء كانت سائدة في ذلك الوقت، وأعاد العالم الفرنسي بيير سيمون لابلاس هذه الفكرة إلى الواجهة في 1796 م في كتابه Exposition du Système du Monde (مقدمة عن النظام الكوني)[147][148] ولكن معاصريه شككوا في صحة الفكرة لهشاشتها النظرية[149] إلى أن جاءت نظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين التي برهنت على إمكانية وجود الثقوب السوداء.[150] وبعد ذلك بدأ علماء الفلك في البحث عن آثارها باستخدام التلسكوبات الأرضية والفضائية حيث تم اكتشاف أن نجم الدجاجة إكس-1 يرجح أن يكون ثقب أسود محتمل سنة 1971 م،[151] وتحولت الآراء حول الثقب الأسود إلى حقائق مشاهدة عبر المقراب الفلكي الراديوي الذي يتيح للراصدين مشاهدة الكون بشكل أوضح، وجعل نظرية النسبية حقيقة علمية مقبولة عند معظم دارسي علوم الفيزياء.[152][153]

٣ تطور النجم:

يتكون النجم من سحابة من غاز الهيدروجين (والقليل من الهيليوم) تبدأ بالتجمع والتكدس على بعضها ثم بالدوران حول نفسها./ومع هذا التكثف يَزداد الضغط على نواتها بشكل كبير، فيَسخن الغاز في النواة حتى يصبح حاراً جداً إلى درجة أن تندمج ذرات الهيدروجين لتكونّ عنصر الهيليوم،[155] وبهذه العملية يَستطيع النجم توليد ضغط باتجاه الخارج في نواته يَمنعها من الانهيار على نفسها.[156] لكن عندما يَنفذ وقود النجم من الهيدروجين يُصبح مهدداً بالانهيار على نفسه نتيجة لضغط كتلته، فترتفع درجة حرارة قلب النجم إلى درجة يَبدأ فيها النجم تفاعلات إندماج تنتج الليثيوم ثم الكربون والنتروجين والأكسجين وصولاً إلى الحديد./فحينها لا يَعود النجم قادراً على دمجه إلى عناصر أثقل لأن الطاقة التي يُولدها الاندماج النووي لا تعود كافية لمنعه من الانهيار، فيَنهار على نفسه في انفجار المستعر الأعظم مطلقاً طاقة هائلة.[157] لكن ما يُحدد مصير النجم بعد انفجاره هو ما يُسمى «حد تشاندراسيخار»، هذا الحد هو مقدار الكتلة (1,4 كتلة شمسية) الذي إن لم يَتجاوزه النجم فسيَتحول إلى قزم أبيض، وإن تجاوزه فيَتحول إما إلى نجم نيوتروني أو إلى ثقب أسود (ما يُحدد أيهما هو حد تولمان-أوبنهايمر-فولكوف).[158] إذا ما كانت كتلة النجم عالية، فسيَعني هذا أنه سيَكون أكثر كثافة، ولذلك فإن النجوم الكثيفة تصبح نجوماً نيوترونية أو ثقوباً سوداء./النجوم النيوترونية هي أجسام عالية الكثافة جداً، ولذا فعندما تتكون تندمج الإلكترونات والبروتونات لتصبح نيوترونات تستطيع تحمل الضغط الهائل في النواة (فقطر هذه النجوم لا يَتجاوز الـ20 كم)، أما عندما تكون الكثافة أعلى من ذلك، فإن حتى النيوترونات لا تعود قادرة على تحمل الضغط الهائل، فيَنهار النجم متحولاً إلى ثقب أسود هائل الكثافة.[159][160] تكثر النجوم في أذرعة مجرة حيث تشتد فيها كثافة سحب الغازات التي تتكون منها النجوم./وتدور النجوم في مدارات حول مركز مجرة، مثلما تدور الكواكب حول الشمس./وتبلغ دورة واحدة لمجرتنا حول مركزها نحو 250 مليون سنة.

٤ حجم الثقوب السوداء وأدلة وجودها:

في عام 1970 م بين «براندون كارتر» أن حجم وشكل أي ثقب أسود ثابت الدوران يتوقف فقط على كتلة ومعدل دورانه بشرط يكون له محور تناظر، وبعد فترة أثبت ستيفن هوكينغ أن أي ثقب أسود ذي دوران ثابت سوف يكون له محور تناظر./واستخدم «رو بنسون» هذه النتائج ليثبت أنه بعد انسحاق الجاذبية بان الثقب الأسود من الاستقرار على وضع يكون دوارا ولكن ليس نابضا، وأيضا حجمه وشكله يتوقفان على كتلته ومعدل دورانه دون الجسم الذي انسحق ليكونه. ولكن في وقتنا هذا تم رصد أحجام للثقوب السوداء بعد إكتشاف أكبر خمسة ثقوب سوداء في الفضاء الخارجي. وهم كالترتيب التالي:/ (1) NGC 1277 يعد من أصغر الثقوب المستكشفة لوقتنا هذا حيت تبلغ الكتلة الشمسية لهذا الثقب إلى 5000,000,000 كتلة شمسية، بالإضافة أنه يقع في كتلة 50% من كتلة المجرة الذي يوجد بها ولكن يوجد ثقوب سوداء أكبر من ذلك. (2) Holmberg 158[172] حيث تصل الكتلة الشمسية فيه إلى 10,000,000,000 كتلة شمسية وهو ثاني أكبر ثقب أسود مكتشف.(3) OJ 278 [173] تصل الكتلة الشمسية لهذا الثقب إلى 18,000,000,000 كتلة شمسية وهو ثالث أكبر ثقب أسود مكتشف.(4) H1821+643 [174] تصل الكتلة الشمسية لهذا الثقب إلى 30,000,000,000 كتلة شمسية وهو أكبر رابع ثقب أسود مكتشف./(5) S50014+81[175] حيث تصل الكتلة الشمسية لهذا الثقب إلى 40,000,000,000 كتلة شمسية وهو أكبر ثقب أسود مكتشف.

٥ ما الأدلة على وجود هذه الثقوب؟:

لم يتوفر دليل على وجود الثقوب السوداء سوى حسابات مبنية على النسبية لذلك كان هناك من لم يصدق بها./وفي عام 1963 م، رصد «مارتن سميدت» وهو عالم فلكي أمريكي الانزياح نحو الأحمر في طيف جسم باهت يشبه النجم في اتجاه مصدر موجات الراديو فوجد أنه أكبر من كونه ناتج عن حقل جاذبية فلو كان انزياحه بالجاذبية نحو الأحمر لكان الجسم كبير الكتلة وقريبا منا بحيث تنزاح مدرات الكواكب في النظام الشمسي./وهذا الانزياح نحو الأحمر ناتج عن توسع الكون وهذا يعني بدوره أن الجسم بعيداً جدا عنا ولكي يرى على هذه المسافة الكبيرة لابد وأنه يبث مقدار هائلاً من الطاقة والتفسير الوحيد لهذا ناتج انسحاق بالجاذبية ليس لنجم واحد بل لمنطقة مركزية من إحدى المجرات بكاملها وتسمى أشباه النجوم. في العاشر من أبريل لعام 2019 تم نشر أول صورة حقيقية لثقب أسود داخل نواة المجرة الأهليليجية العملاقة 87 , حيث تم الاعلان عنها في مؤتمر بواسطة شبكة مقراب أفق الحدث.

٦ هل يمكن رؤية الثقب الأسود؟:

ينشأ الثقب الأسود عندما ينتهي عمر أحد النجوم البالغة الأكبر (حجما) وينتهي وقوده، فينفجر وينهار على نفسه./ويتحول النجم من سحابة كبيرة عظيمة إلى تجمع صغير محدود جدا للمادة المكثفة./ويعمل ذلك التجمع المادي المركز على جذب كل ما حوله من جسيمات أو أي مادة أخرى./وحتى فوتونات الضوء لا تفلت منه بسبب جاذبيته الخارقة، فالثقب الأسود لا ينبعث منه ضوء. ولكن كل ما ينجذب وينهار على الثقب الأسود يكتسب سرعات عالية جدا وترتفع درجة حرارتها./وتستطيع التلسكوبات الكبيرة على الأرض رؤية تلك الدوامات الشديدة الحرارة./أي أن الثقب الأسود يفصح عن نفسه بواسطة شهيته وجشعه لالتقاط كل مادة حوله./ولا يتعين علينا أن نخاف لأن الفلكيين لم يجدوا أي ثقب أسود بالقرب من المجموعة الشمسية.

٧ أنواعها :

الثقب الأسود هو المرحلة الأخيرة من عمر نجم عظيم الكتلة./وفي الواقع فهو ليس نجما حيث أنه لا يولّد طاقة عن طريق الاندماج النووي (يتوقف الاندماج النووي في النجم كبير الكتلة بعد استهلاكه لوقوده من الهيدروجين والهيليوم ويصبح ثقبا أسودا لا يشع ضوءا). ويمكن تكوّن ثقب أسود بعدة طرق:/ ثقب أسود صغري :/ طريقة افتراضية، ويمكن من الوجهة النظرية أن تتكون في معجل جسيمات ثقب أسود نجمي:/ وهي أجرام تبلغ كتلتها بين 4 - 15 كتلة شمسية ثقب أسود متوسط الكتلة :/ ويتميز بكتلة بين 100-10000 كتلة شمسية. ثقب أسود فائق الضخامة :/ وتبلغ كتلته عدة ملايين أو عدة بلايين كتلة شمسية.

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ ↑ أ ب Wald، R. M. (1997). "Gravitational Collapse and Cosmic Censorship". In Iyer, B. R.؛ Bhawal, B. Black Holes, Gravitational Radiation and the Universe. Springer. صفحات 69–86. ISBN 978-9401709347. arXiv:gr-qc/9710068Freely accessible. doi:10.1007/978-94-017-0934-7.