قصة خديجة بنت خويلد


بواسطة التلميذ(ة):
قصة خديجة بنت خويلد

١ مقدمة

حين اختار الله تعالى من بين العرب قاطبةً نبيَّه محمد عليه الصَّلاة والسَّلام، واجتباه لتبليغ رسالة الإسلام، والدَّعوة إلى التَّوحيد؛ خصَّه وأزواجه بجملةٍ من الخصال، وميَّزهم عن سواهم بعددٍ من الخصائص التي لم يخصَّ بها سواهم، فكان لأزواجه -رضي الله عنهنَّ- ميزةً عن نساء المؤمنين أجمع، ومنزلةً أرفع وأخصَّ على من سواهنَّ، فقد جاء في قول الله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)، وهنَّ من القدر والمنزلة الرفيعة بمكانٍ بحيث يَكُنَّ ويُدعين في القرآن الكريم بأمهات المؤمنين، كما جاء في قول الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا)، وتتحدَّث هذه المقالة عن إحدى أمهات المؤمنين بل أوَّلِهنَّ، وهي خديجة بن خويلدٍ رضي الله عنها، وتعريفٌ بها، ووسردٌ لقصصٍ من سيرتها؛ كزواجها بالنَّبي، وإسلامها،

٢ خديجة بنت خويلد :

تمخَّضت حياة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وسيرتها قبل الإسلام وبعده عن حوادث ومواقف عدَّة جليلة، كلُّ واحدٍ من هذه الحوادث والمواقف يصلح قصَّةً كاملةً تستشفُّ منها معانٍ عدَّة وتستخلص من ثناياها عِبراً وحِكماً جمَّة، ويمكن إجمال سيرتها -رضي الله عنها- بالقصص التَّالية:/ زواجها من النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- كانت السَّيدة خديجة -رضي الله عنها- تستأجر من يأخذ أموالها ويتاجر لها بها، وقد سمعت عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وما تميَّز به من أخلاقٍ عظيمةٍ وصفاتٍ كريمةٍ كالأمانة والصِّدق، فعرضت عليه أن يخرج في تجارتها إلى الشَّام، وأرسلت معه خادماً لها يُدعى ميسرة، وربحت تجارة خديجة -رضي الله عنها- على يد النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، وعاد لها من الشَّام بربحٍ وفيرٍ وخيرٍ كثير، وأخبرها ميسرة بما كان منه -عليه الصَّلاة والسَّلام- من خُلقٍ وحسن صفاتٍ أثناء رحلتهم، فأُعجِبَت خديجة بخصاله، ورغبت به زوجاً لها، فأرسلت تسأله -عليه الصَّلاة والسَّلام- إن كان يرغب بها زوجة، فقبل -عليه الصَّلاة والسَّلام- وتزوج بها قبل بعثته وكان عمره عند زواجه خمساً وعشرين سنةً، وأمَّا خديجة -رضي الله عنها- فكانت قد بلغت الأربعين، ودام زواجها بالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- خمسةً وعشرين عاماً، حتى توفَّاها الله وهي في الخامسة والسِّتين من عمرها، وقد أنجبت للنبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أولاده من الذكور القاسم وبه كُنِّي النَّبي وعُرف بأبي القاسم، وابنه عبد الله وقد توفاهما الله صغاراً، وأربعٌ من الإناث هنَّ:/ زينب، ورقيَّة، وأمُّ كلثوم، وفاطمة رضي الله عنهنَّ. مؤازرتها للنبي وإسلامها حين بدأ الوحي بالنزول على النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام، كان مختلياً يمكث في غار حراء، ولمَّا أتاه جبريل أول مرَّةٍ خاف -عليه الصَّلاة والسَّلام- وارتعد وعاد إلى بيته حيثُ خديجة رضي الله عنها، وهو يرتجف قائلاً:/ زمِّلوني، زمِّلوني، فهدَّأت من روعه، وأخبرها بما حدث له في الغار، وكيف أنَّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- خشي على نفسه وخاف، فما كان منها -رضي الله عنها- إلّا أن طمأنته وذكَّرته أنَّ الله لن يخذله لما فيه من الصِّفات والخصال التي يحبها الله ويرضاها، فقد جاء في حديث النَّبي -عليه الصلاة والسَّلام- قوله:/ (أيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي، لقدْ خَشِيتُ على نفسِي، فأخبرَهَا الخَبَرَ، قالتْ خَدِيجَةُ:/ كلَّا، أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدًا، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ)، ولم تكتفِ -رضي الله عنها- بطمأنته بالكلام فقط، بل أخذته إلى ابن عمٍّ لها يدعى ورقة بن نوفل، وكان شيخاً ذا علم بالإنجيل وقد تنصَّر، فأخبرته بما حدث مع النَّبي، فأخبرهم أنَّ ما نزل عليه هو النَّاموس الذي كان ينزل على نبي الله موسى عليه السَّلام، وقد كانت خديجة -رضي الله عنها- أول من آمن بدعوة النَّبي وأول من دخل في الإسلام مطلقاً من بين النِّساء والرِّجال، وقد ساندت النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ووقفت بجانبه أمام ما لاقاه من قريش من إساءة وإيذاء ومقاطعة. وفاتها بقيت خديجة -رضي الله عنها- مساندةً للنبي ومؤازرةً له في دعوته رغم كبر سنها، والإيذاء الذي لحق بالنَّبي وبمن آمن معه، حتى توفاها الله تعالى في السَّنة العاشرة من بعثته عليه الصَّلاة والسَّلام، فحزن على فراقها حزناً شديداً وزاد حزنه شدَّةً بوفاة عمِّه أبي طالب في العام نفسه؛ ليسمى بذلك هذا العام عام الحزن؛ لخسارته -عليه الصَّلاة والسَّلام- لاثنين من أكثر من سانده وآزره وخفف عنه في أثناء الدَّعوة، وقد ظلَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وفيَّاً لخديجة -رضي الله عنها- بعد وفاتها، حتى مع زواجه بغيرها؛ حيثُ كان يكرم صاحبات خديجة إكراماً ووفاءً لها، وقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها:/ (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ذبَح الشَّاةَ يقولُ:/ اذهَبوا بذي إلى أصدقاءِ خديجةَ قالت:/ فأغضَبْتُه يومًا فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:/ "إنِّي رُزِقْتُ حُبَّها") . فضل خديجة بنت خويلد إنَّ لخديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- فضلٌ عظيم، فهي أول من دخل في الإسلام ونصر دعوته وآزر نبيه، وقد دلَّ على فضلها أحاديثٌ شريفةٌ، فهي من خير نساء العالمين وأحسنهنَّ، كما روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قوله:/ (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)، ومن فضلها الذي خصَّها الله تعالى به أنَّه تعالى بشَّرها ببيت في الجنَّة، فقد جاء جبريل إلى النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وأخبره أنَّ الله تعالى يُقرئ خديجة السَّلام منه، ويبشرها بهذه البشارة، كما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام:/ (أتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:/ يا رسولَ اللهِ، هذه خديجةُ قد أَتَتْ، معها إناءٌ فيه إِدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ، فإذا هي أَتَتْكَ فاقَرِأْ عليها السلامَ مِن ربِّها ومنِّي، وبِشِّرْهَا ببيتٍ في الجنةِ مِن قَصَبٍ لا صَخَبٌ فيه ولا نصبٌ).F

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ Mawdoo3