نابليون بونابرت


بواسطة التلميذ(ة):
نابليون بونابرت

١ مقدمة

نابليون بونابرت (بالفرنسية: Napoléon Bonaparte) أو نابليون الأوَّل (بالفرنسية: Napoléon Ier) واسمه الأصلي نابليوني دي بونابرته (بالإيطالية: Napoleone di Buonaparte) ( نطق فرنسي: [napɔleɔ̃ bɔnɑpaʁt] ؛ النطق الإيطالي: ‎[napoleˈone di bwɔnaˈparte]‏) هو قائد عسكري وسياسي فرنسي إيطالي الأصل، بزغ نجمه خلال أحداث الثورة الفرنسية، وقاد عدَّة حملات عسكرية ناجحة ضدَّ أعداء فرنسا خِلال حروبها الثورية.
حكم فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا، ثم بصفته إمبراطورًا في العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثيرًا كبيرًا على السياسة الأوروبية.
هيمن نابليون على الشؤون الأوروبية والدولية خِلال فترة حُكمه، وقاد فرنسا في سلسلة انتصارتٍ مُبهرة على القوى العسكريَّة الحليفة التي قامت في وجهها، فيما عُرف بِالحُرُوب النابليونية، وبنى إمبراطوريَّةً كبيرة سيطرت على مُعظم أنحاء أوروبَّا القاريَّة حتَّى سنة 1815 عندما سقطت وتفكَّكت.

٢ معلومات حول نابليون بونبارت:

وُلد نابليون في جزيرة كورسيكا لأبوين ينتميان لطبقة أرستقراطية تعود بجذورها إلى إحدى عائلات إيطاليا القديمة النبيلة./ألحقه والده "كارلو بونابرت"، المعروف عند الفرنسيين باسم "شارل بونابرت" بمدرسة بريان العسكرية./ثم التحق بعد ذلك بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وفي المدرستين أظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه، ليس فقط في العلوم العسكرية وإنما أيضًا في الآداب والتاريخ والجغرافيا./وخلال دراسته اطلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر في فرنسا وجلّهم، حيث كانوا من أصحاب ودعاة المبادئ الحرة./فقد عرف عن كثب مؤلفات فولتير ومونتسكيو وروسو، الذي كان أكثرهم أثرًا في تفكير الضابط الشاب./أنهى دروسه الحربية وتخرّج في سنة 1785م وعُين برتبة ملازم أول في سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسي الملكي./وفي سنة 1795 أعطيت له فرصة الظهور، ليبرز براعته لأول مرة في باريس نفسها حين ساهم في تعضيد حكومة الإدارة وفي القضاء على المظاهرات التي قام بها الملكيون، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية./ثم عاد في سنة 1797 ودعم هذه الحكومة ضد توجه أن تكون فرنسا ملكية دستورية فبات منذ هذا التاريخ السند الفعلي لها ولدستور سنة 1795. بزغ نجم بونابرت خلال عهد الجمهورية الفرنسية الأولى، عندما عهدت إليه حكومة الإدارة بقيادة حملتين عسكريتين موجهتين ضد ائتلاف الدول المنقضة على فرنسا، فانتصر في جميع المعارك التي خاضها، وتمكَّن من فتح شبه الجزيرة الإيطاليَّة خلال سنة، وأقام بها "جمهوريات شقيقة لفرنسا" بِتأييدٍ من بعض القوى المحليَّة، لِيُصبح بطلًا قوميًّا في فرنسا./سنة 1798، قاد نابليون حملةً عسكريَّةً على مصر في سبيل قطع طريق بريطانيا إلى الهند، وامتدَّت حملته هذه حتى بلغت الشام الجنوبية حيثُ حاصر مدينة عكَّا لكنه فشل في اقتحامها لمناعة استحكاماتها وصُمود واليها أحمد باشا الجزار، ومساندة الأسطول البريطاني لحامية المدينة، ثُمَّ حلول وباء الطاعون وفتكه بالجنود الفرنسيين، فاضطرَّ بونابرت إلى الانسحاب إلى مصر ثم عاد إلى أوروبا لاضطراب الأحوال في فرنسا./وفي سنة 1799، عزل بونابرت حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من 3 قناصل، وتقلّد هو بنفسه منصب القنصل الأول؛ ثم أقام أحلافًا عسكريَّةً ودبلوماسيَّةً مع الفُرس والهُنُود والعُثمانيين في سبيل ضرب كُلٍ من المصالح البريطانيَّة في الهند، والمصالح الروسيَّة في الشرق الأوسط، وتعاون مع سُلطان مملكة ميسور فتح‌ علي خان تيپو وأيَّدهُ بِجُنُودٍ ومعدَّاتٍ كثيرة خِلال حربه مع البريطانيين في الهند. سعى نابليون، بعد ذلك، في إعلان نفسه إمبراطورًا، وتم له هذا بعد 5 سنوات بإعلان من مجلس الشيوخ الفرنسي./خاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، عُرفت باسم الحروب النابليونية، ودخلت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا./أحرزت فرنسا انتصارات باهرة في ذلك العهد، على جميع الدول التي قاتلتها، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسيًا في أوروبا القارية، ومدّت أصابعها في شؤون جميع الدول الأوروبية تقريبًا، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسي في المسائل السياسية الأوروبية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول، وتنصيب بعض أقاربه وأصدقائه على عروش الدول الأخرى. شكّل الغزو الفرنسي لروسيا سنة 1812م نقطة تحول في حظوظ بونابرت، حيث أصيب الجيش الفرنسي خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لم تُمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك./وفي سنة 1813، هزمت قوّات الائتلاف السادس الجيش الفرنسي في معركة الأمم؛ وفي السنة اللاحقة اجتاحت هذه القوّات فرنسا ودخلت العاصمة باريس، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش، ونفوه إلى جزيرة ألبا./هرب بونابرت من منفاه بعد أقل من سنة، وعاد ليتربع على عرش فرنسا، وحاول مقاومة الحلفاء واستعادة مجده السابق، لكنهم هزموه شر هزيمة في معركة واترلو خلال شهر يونيو من عام 1815م./استسلم بونابرت بعد ذلك للبريطانيين، الذين نفوه إلى جزيرة القديسة هيلانة، المستعمرة البريطانية، حيث أمضى السنوات الست الأخيرة من حياته./أظهر تشريح جثة نابليون أن وفاته جاءت كنتيجة لإصابته بسرطان المعدة، على الرغم من أن كثيرًا من العلماء يقولون بأن الوفاة جاءت بسبب التسمم بالزرنيخ. يُعدُّ نابليون أحد أبرز القادة العسكريين في التاريخ، وتُدرّّس حملاته العسكرية في العديد من المدارس الحربية حول العالم، وعلى الرغم من أن الآراء منقسمة حوله، حيث يراه معارضوه طاغية جبارًا أعاد الحكومة لامبراطورية ووزع المناصب والألقاب على أسرته ودخل مغامرات عسكرية دمرت الجيش، فإن محبيه يرونه رجل دولة وراعيًا للحضارة، إذ يُنسب إليه القانون المدني الفرنسي، المعروف باسم قانون نابليون، الذي وضع الأسس الإدارية والقضائية لمعظم دول أوروبا الغربية، والدول التي خضعت للاستعمار والانتداب الفرنسي في العصور اللاحقة، بحيثُ كان هذا القانون أكثر القوانين تأثيرًا في أوروبا والعالم مُنذُ سُقُوط الإمبراطورية الرومانية، وفي هذ يقول المُؤرخ البريطاني أندرو روبرتس:/ «إنَّ الأفكار التي تُشكِّلُ جزءًا أساسيًّا من عالمنا (الغربي) المعاصر — كتولية الوظائف بناءً على الجدارة، والمُساواة أمام القانون، واحترام حق الملكيَّة، والتسامح مع الأديان والمذاهب، وعلمنة النظام التعليمي، وابتكار النظم المالية السليمة، وغيرها — كلها دوَّنت وابتدعت وأيَّدت ونشرت على يد نابليون./يُضاف إليها ما ابتكره من نظم الإدارة المحلية العقلانيَّة والفعَّالة، وقضاؤه على اللصوصيَّة الريفيَّة، وتشجيعه العلوم والفنون، وإفناؤه للإقطاعيَّة، وتدوينه أهم القوانين منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية».

٣ نشأته وتعليمه:

وُلد نابليون في قصر آل بونابرت في بلدة أجاكسيو الواقعة بجزيرة كورسيكا، بتاريخ 15 أغسطس سنة 1769، أي بعد عام من انتقال ملكية الجزيرة من جمهورية جنوة، إلى فرنسا. وهو الولد الثاني لأبويه من أصل 8 أولاد./أطلق عليه والده اسم "نابليوني دي بونابرته" (بالإيطالية:/ Napoleone di Buonaparte) بادئ الأمر، تيمنًا بعمه الذي قُتل وهو يُقاتل الفرنسيين دفاعًا عن بلاده، إلا أن نابليون نفسه فضّّل لاحقًا بأن يُلفظ اسمه كما يُلفظ بالفرنسية، أي ناپوليون بوناپغت، وهذا ما جرت عليه العادة بين الناس./كذلك، كان اسمه يُلفظ "نابوليون" باللغة الكورسية. تتحدر أسرة بونابرت من جذور إيطالية نبيلة، وقد قدم أفرادها كورسيكا من منطقة ليگوريا في شبه الجزيرة الإيطالية خلال القرن السادس عشر. كان والد نابليون، واسمه "كارلو بونابرت"، يعمل محاميًا، وقد عُين لاحقًا ممثلاً لكورسيكا في بلاط الملك "لويس السادس عشر" في سنة 1777./تُعتبر والدة بونابرت، "ماريا يتيسيا رامولينو"، الشخص الذي كان له أكبر تأثير على تكوين شخصيته، إذ يُعرف عنها أنها كانت صارمة وشديدة الحزم، بينما كان نابليون صبيًا جامحًا، فكانت والدته غالبًا ما تقيد تصرفاته وتفرض عليه ما ينبغي أن يقوم به وما يجب أن ينتهي عنه، مما دفع البعض إلى القول أن تربيته المنزلية بحد ذاتها كانت "تربية عسكرية"./كان لنابليون شقيق أكبر منه سنًا هو "جوزيف"؛ و6 إخوة وأخوات أصغر منه سنًا، هم:/ "لوسيان"، و"إليسا"، و"لويس"، و"پولين"، و"كارولين"، و"جيروم"./عُمّد نابليون في كاتدرائية أجاكسيو في 21 أغسطس سنة 1771، أي بعد أن بلغ عامه الثاني. المدرسة العسكريَّة الكُبرى التي أُلحق بها نابليون. سمحت جذور أسرة بونابرت النبيلة، إضافةً إلى يسار أفرادها ومعرفتهم الشخصية بذوي المناصب السياسية العليا، سمحت لنابليون أن يخوض غمار ميدان العلم والثقافة بشكل لم يكن متاحًا لأي شخص كورسيكي عادي في ذلك الزمن. ففي شهر يناير من عام 1779، أُلحق نابليون بمدرسة للاهوت واقعة في مدينة "أوتون" على البر الرئيسي الفرنسي، حيث تعلّم اللغة الفرنسية، وفي شهر مايو من نفس السنة، ألحقه والده بمدرسة بريان العسكرية لإعداد البحّارة. تكلّم نابليون الفرنسية بلكنة كورسية واضحة، واستمر يلفظ الكلمات الفرنسية بهذه الطريقة طيلة حياته، ولم ينطق باللفظ الفرنسي الصحيح على الإطلاق. تعرّض نابليون للمضايقة والاستهزاء من قبل زملائه الفرنسيين في المدرسة، بسبب لكنته التي رأوها غريبة، ولهذا السبب تفادى الاختلاط معهم وإنشاء صداقات متينة، وكرّس كامل وقته للدراسة. [معلومة 1] قال أحد أساتذة المدرسة في نابليون أنه «دائمًا ما كان متفوقًا على زملائه في الرياضيات، وملمّ بالتاريخ والجغرافيا، إن هذا الفتى لسوف يصبح بحارًا ممتازًا». [معلومة 2][21] أُلحق نابليون بالمدرسة العسكرية الكبرى (بالفرنسية:/ École Militaire) في باريس، بعد أن تخرّج من مدرسة بريان سنة 1784؛ وقد أدى هذا إلى القضاء على طموحه بأن يُصبح بحّارًا، الأمر الذي دفعه بأن يُفكر بالانضمام إلى البحرية الملكية البريطانية.[22] لكنه عاد وعدل عن قراره، ودرس ليُصبح ضابط مدفعية، خصوصًا وأن والده كان قد توفي في تلك الفترة، الأمر الذي قلل من نسبة المصروف الذي كان يُرسل إليه، وأدّى لتراجع الوضع المادي للأسرة بشكل جعلهم غير قادرين على التكفل بأعباء ومصاريف الدراسة على أكمل وجه كما في السابق، فاضطر نابليون إلى إنهاء برنامجه الدراسي، الذي كان يمتد لسنتين في الأصل، خلال سنة واحدة فقط. أمتُحن نابليون قبل تخرجه على يد المفتش والعالم الشهير "بيير سيمون لاپلاس"، الذي قام بتعيينه لاحقًا، بعد وصوله إلى السلطة، في مجلس الشيوخ الفرنسي.[23]

٤ زوجاته و أبناؤه:

تزوّج نابليون لأول مرة عندما بلغ السادسة والعشرين من عمره، من أرملة إحدى قادة الثورة الفرنسية، واسمها "جوزفين آل بوارنيه" التي كانت تكبره بست سنوات./كانت جوزفين تُعرف باسم تبغضه بغضًا شديداً طيلة الفترة السابقة على معرفتها بنابليون، وهو "روز"، فلمّا عرف نابليون بذلك أطلق عليها اسم "جوزفين" عوضًا عن اسمها الأول./غالبًا ما كان بونابرت يُرسل إلى زوجته رسائل غرامية عندما كان يخوض حملاته العسكرية بعيدةً عن فرنسا،[157] وقد أقدم على تبني ابنها من زوجها السابق، المدعو "يوجين"، بشكل رسمي، وكذلك ابنة عمها "ستيفاني"، وزوّجهما لبعضهما في وقت لاحق، كذلك قامت جوزفين بتزويج ابنتها "هورتنس" من "لويس" شقيق نابليون.[158] كان لجوزفين عدد من العشّاق الذين تقربوا منها خلال غياب نابليون عن فرنسا، مثل "شارل هيپوليت"، الذي كان يعمل ملازمًا في وحدة الهوصار وعشق جوزفين خلال حملة بونابرت على إيطاليا.[159] علم نابليون بهذه العلاقة بين زوجته والملازم عندما كان في مصر، فأرسل إلى أخيه "جوزيف" يُخبره عن هذا الموضوع، فاعترض البريطانيون الرسالة وقاموا بنشرها في الصحف اللندنية والباريسية، مما أثار إحراج نابليون أمام جنوده وشعبه./كان لنابليون عدد من العلاقات الجانبية أيضاً، بما فيها علاقة غرامية وقعت أحداثها خلال الحملة المصرية، مع زوجة أحد ضباطه المدعوة "پولين بيليسل فور"، التي أُطلق عليها اسم "كليوبترا" تيمنًا بحاكمة مصر الفرعونية القديمة.[160][معلومة 11][161] أنجب نابليون عدداً من الأولاد من عشيقاته، إلا أنه لم يُخلف أي وريث من زوجته جوزفين، ويُرجّح البعض أن عدم مقدرة جوزفين على الإنجاب كانت تعود إلى الإجهاد والضغط النفسي الذي تعرضت له عند سجنها خلال عهد الإرهاب (27 يونيو 1793 – 27 يوليو 1794)، أو بسبب إجهاضها عندما كانت لا تزال في العشرينات من عمرها.[162] قرر نابليون بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة أن يتطلق وجوزفين، حتى يستطيع أن يتزوج مجدداً بامرأة قادرة على أن تنجب له وريثًا، فأقدم في شهر مارس من سنة 1810 على الزواج بأرشيدوقة النمسا وقريبة الملكة السابقة "ماري أنطوانيت"، المدعوة "ماري لويز"، وبهذا كان قد صاهر الأسرة الملكية الألمانية./استمر زواج ماري لويز ونابليون حتى وفاة الأخير، على الرغم من أنها لم تلحق به إلى جزيرة ألبا عندما نُفي للمرة الأولى، وبالتالي لم تره بعد ذلك أبداً./ولدت ماري لويز طفلاً وحيداً لنابليون عُرف باسم "نابليون فرنسيس جوزيف شارلز" (1811–1832)، الذي حمل لقب "ملك روما" منذ ولادته، ثم خُلع عليه اسم "نابليون الثاني" سنة 1814، إلا أنه لم يحكم فرنسا إلا أسبوعين قبل أن يُخلع عليه لقب "دوق المدينة الإمبراطورية المستقلة" سنة 1818./توفي نابليون الثاني جرّاء داء السل عن عمر يُناهز 21 سنة، ولم يترك وراءه أي ذريّة.[163] اعترف نابليون بإنجابه لطفلين غير شرعيين:/ "شارل ليون" (1806–1881) من "إليانور دونول"،[164] الكونت "ألكسندر جوزيف كولونا ڤالڤسكي" (1810–1868) من الكونتيسة "ماري ڤالڤسكا".[164] كذلك يُحتمل أن يكون قد أنجب أبناءً وبنات آخرين لم يُعلن عنهم، مثل "كارل يوجين ڤون مولفلد" من "ڤيكتوريا كراوس"؛[165] "هيلين نابليون بونابرت" (1816–1910) من "ألبين آل مونتلون"؛ و"جول بارثيلامي سان هيلير" من أم مجهولة.[166]

٥ الصورة الشعبية:

أصبح نابليون يُشكل رمزاً بارزاً للعبقرية الحربية والدهاء السياسي في العديد من الثقافات حول العالم، وذلك بعد أن انتشرت قصته وذاع صيته في الدول والمناطق المحيطة بفرنسا في أيامه، وفي جميع أرجاء المعمورة في وقت لاحق، مع تقدم وسائل الإتصال المواصلات وانتشار الاستعمار والانتداب الأوروبي في دول متعددة./كان لنابليون أعداء كثر يكرهونه ولكن يكنون له عظيم الاحترام في ذات الوقت، فعندما سُئل أمير البحر، الدوق الأول لويلينگتون "آرثر ويلزلي" قائد الجيش البريطاني في معركة واترلو الشهيرة عن أعظم قائد عسكري في وقته، قال:/ "إن أعظمهم في الماضي والحاضر والمستقبل وكل وقت هو نابليون بونابرت".[167] أُطلق اسم نابليون على الكثير من البلدات والشوارع والسفن بعد وفاته، وعلى بعض شخصيات الرسوم المتحركة حتى في وقت لاحق./كذلك لعب الكثير من الممثلين دوره في مئات الأفلام السينمائية والتلفزيونية، وتم تأليف الكثير من الكتب عن حياته وكُتبت عنه آلاف المقالات.[168] صُور نابليون من قبل الصحافة البريطانية خلال عهد حروبه على أنه طاغية جبار يُشكل خطراً على بريطانيا وإنه يستعد لغزوها في القريب العاجل./وقد بلغ حد تشويه صورة نابليون في بريطانيا خلال ذلك العهد، أن نُظمت قصيدة للأولاد الصغار ونُشرت في الكثير من الحضانات، وهي تُحذر الأطفال من عدم الشقاوة، ذلك لأن نابليون يُقدم على التهام الناس الأشقياء بنهم.[169] كانت الصحافة المحافظة في بريطانيا تُصور نابليون على أنه أقصر مما هو عليه في بعض الأحيان، وقد انتشرت هذه الفكرة واستمرت سائدة لدى الناس لسنوات طويلة بعد انتهاء عهد نابليون وما زالت./يُعزى تصوير بونابرت بهذه القامة أيضًا إلى الارتباك والخلط بين وحدات القياس الفرنسية والبريطانية؛ وفي واقع الأمر يُعتبر نابليون مربوع القامة وفقًا للزمن الذي عاش فيه، حيث كان العديد من الناس يبلغون ذات الطول الذي كان عليه، ألا وهو 1,7 أمتار (5 أقدام و7 إنشات).[170][معلومة 12][171] استشهد العالم النفسي "ألفرد أدلر" بنابليون سنة 1908، ليصف عقدة نقص يعاني منها الناس قصار القامة، حيث يُظهرون سلوكًا عدائيًا غير عادي ليعوضوا عن افتقارهم للطول الطبيعي؛ فأطلق على هذه الحالة المرضية اسم "عقدة نابليون".[172] غالبًا ما يظهر نابليون في الرسوم الهزلية وأفلام الرسوم المتحركة وهو يرتدي قبعة ضخمة هلالية الشكل واضعًا يده في صدارته، استشهاداً برسم "لجاك لويس دايڤيد" من سنة 1812.[173]

٦ إرثه:

يقول النقّاد أيضًا أن الإرث الحقيقي الذي خلفه بونابرت هو فقدان فرنسا لهيبتها ومكانتها بين الدول العظمى "الحضارية" والموت غير المبرر لآلاف من الناس بفعل نزواته الشخصية./يقول المؤرخ "ڤيكتور دايڤيس هانسون":/ "...إن ما تقدمه الوثائق العسكرية لا يُمكن التشكيك فيه —17 سنة من الحروب المتواصلة نجم عنها حوالي 6 ملايين قتيل، وإفلاس للخزينة الفرنسية، وفقدان الدولة لمستعمراتها ما وراء البحار".[198] يُضيف البعض أن نابليون "يمكن وصفه بالرجل الذي أعاد الحياة الاقتصادية في أوروبا جيلاً كاملاً إلى الوراء بفعل التأثير المدمر لحروبه".[193] يرد بعض المؤرخين على هذا الرأي بالقول إن تحميل بونابرت اللوم على كل ما حصل هو لمجرد أن تلك الحروب التي دارت رحاها في القارة الأوروبية تحمل اسمه، في حين أنه في واقع الأمر، كانت فرنسا ضحية سلسلة من التحالفات الدولية التي هدفت إلى القضاء على المبادئ المثالية للثورة.[199] يقول بعض المنجمين أن نابليون هو أحد أعداء المسيح الذين تنبأ بهم "نوستراداموس".[200] وما تزال تُعقد حاليًا بعض المؤتمرات النابليونية الدولية التي يُساهم بها أعضاء من الجيش الفرنسي والأمريكي، بالإضافة إلى سياسيين فرنسيين وعدد من الباحثين من مختلف أنحاء العالم.[201]

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)