حقائق الجامع الأزهر


بواسطة التلميذ(ة):
حقائق الجامع الأزهر

١ مقدمة

الجامع الأزهر هو أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي.
يعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر، بعدما أتم جوهر الصقلي فتح مصر سنة 969م، وشرع في تأسيس القاهرة قام بإنشاء القصر الكبير وأعده لنزول الخليفة المعز لدين الله، وفي أثناء ذلك بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجداً جامعاً للمدينة حديثة النشأة أسوة بجامع عمرو في الفسطاط وجامع ابن طولون في القطائع، كذلك أعد وقتها ليكون معهداً تعليمياً لتعليم المذهب الشيعي ونشره، فبدأ في بناؤه في جمادي الأول 359هـ/970م، وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في رمضان سنة 361هـ /972م، وعرف بجامع القاهرة ورغم أن يد الإصلاح والترميم توالت عليه على مر العصور فغيرت كثيراً من معالمه الفاطمية إلا أنه يعد أقدم أثر فاطمي قائم بمصر.
وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمناً بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد.

٢ التسمية:

تأسست مدينة القاهرة بواسطة جوهر الصقلي، وهو قائد فاطمي رومي من أصل يوناني من جزيرة صقلية، وأطلق عليها اسم المنصورية، وأُعِدَّت المنصورية لتكون مقراً للخلافة الفاطمية المتواجدة في تونس، وقد استخدم المسجد لأول مرة في عام 972، وسُمّي في البداية بجامع المنصورية، وقد كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها ممارسة شائعة في ذلك الوقت، ومع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة بالقاهرة، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع قاهرة، حسب أول نسخة من المصادر العربية التاريخية.
 

٣ التاريخ:

في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الإمام الإسماعيلي الرابع، قامت الجيوش الفاطمية بغزو مصر تحت قيادة جوهر الصقلي، والذي نجح في انتزاعها من سلالة الإخشيديين، وبأمر من الخليفة، أشرف جوهر على بناء المركز الملكي "للخلافة الفاطمية" وجيشها، وقد بنى الأزهر كقاعدة لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية، والذي يقع بالقرب من مدينة الفسطاط السنية، وقد أصبحت القاهرة مركزاً للطائفة الإسماعيلية الشيعية، ومقر حكم الدولة الفاطمية. وعلى ذلك أمر جوهر ببدأ بناء مسجد كبير للمدينة الجديدة، وقد بدأ العمل في إنشاءه سنة 970، وأتم في سنة 972، فعقدت أول صلاة جمعة فيه في 22 يونيو 972 خلال شهر رمضان.

سرعان ما أصبح الأزهر مركزًا للتعليم، وتخرج منه التصريحات الرسمية وتُعقد به جلسات المحاكم، وأصبحت التعاليم الباطنية الخاصة بالمذهب الإسماعيلي - والتي كانت تعاليم سرية لفترة طويلة - متاحة لعامة الناس في الأزهر، وقد عين المعز القاضي النعمان بن محمد القاضي، مسؤولاً عن تدريس المذهب الإسماعيلي، وكانت بعض الفصول تُدرَّس في قصر الخليفة، وكذلك في الأزهر، مع دورات منفصلة للنساء، وخلال عيد الفطر عام 973، رُسِّمَ المسجد مسجدًا رسميًّا لصلاة الجماعة في القاهرة بأمر من الخليفة المعز وابنه عندما أصبح بدوره الخليفة، وجعلوا خطبة الجمعة خلال شهر رمضان في الأزهر.

كما جعل يعقوب بن كلس - الفقيه والوزير الرسمي الأول للفاطميين - من الأزهر مركزًا رئيسيًا لتعليم القانون الإسلامي في عام 988، وفي السنة التالية، وُظِّفَ 45 عالمًا لإعطاء الدروس، ليتحول الأزهر إلى جامعة رائدة في العالم الإسلامي.

وُسِّع المسجد أثناء حكم الخليفة العزيز (975–996). ووفقا للمفضل فإن العزيز أمر بترميم أجزاء من المسجد كانت قد تصدعت، واستكمل الخليفة الفاطمي التالي الحاكم بأمر الله ترميم المسجد ووفَّر بابًا خشبيًا جديدًا في عام 1010. ومع ذلك، شهد عهد الحاكم تشييد مسجده الذي سمي باسمه تيمنا به، ويعد تشييد مسجد الحاكم فقد الأزهر مركزه كمسجد صلاة الجماعة الأولى في القاهرة. وفي أيار/مايو 1009 أصبح مسجد الحاكم بأمر الله المكان الوحيد لخطب الخليفة وخطبة الجمعة. وبعد عهد الحاكم استعاد الأزهر مكانه في عهد المستنصر، وقد نُفِّذَت إضافات وتجديدات على المسجد، كما أضيفت الكثير من التجديدات في عهد الخلفاء الفاطميين الذين أتوا من بعده.

أُنشِئت مكتبةٌ ضخمةٌ تابعةٌ للجامع الأزهر وهبها الخليفة الفاطمي في 1005 الآلاف من المخطوطات التي أعطت قيمة بليغة للمكتبة، وكان ذلك ضمن محاولة الفاطميين بشتى الجهود نشر ممارسة المذهب الإسماعيلي بين الناس، ولكن لم تنجح جهودهم، فالكثير من هذه المخطوطات فُرِقَّت في الفوضى التي تلت سقوط "الدولة الفاطمية"، وأصبح الأزهر فيما بعد مؤسسة سنية كبيرة.

في عصر الدولة الأيوبية
كان صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميين عام 1171 معادياً لمبادئ التعاليم الشيعية التي رُوِّجَت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية، لذلك أُهِمَل المسجد خلال حكم السلالة الأيوبية لمصر، وحظر صدر الدين بن درباس الصلاة فيه، وهو قاضٍ عين من قبل صلاح الدين الأيوبي، والسبب في هذا المرسوم قد يكون بسبب الفقه الشافعي الذي يرى بعدم جواز خطبتين في بلد واحد، وقد يكون بسبب عدم الثقة في الجامع باعتباره مؤسسة شيعية، وأصبح مسجد الحاكم بأمر الله وهو المسجد الذي تُجرى فيه صلاة الجماعة وخطبة الجمعة في القاهرة.

بالإضافة إلى تجريد الأزهر من مركزه كمسجد صلاة الجماعة، أمر صلاح الدين الأيوبي أيضاً بإزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد. كذلك أمر بإزالة شرائط فضية مماثلة من المساجد الأخرى بلغت قيمتها 5000 درهم. لم يتجاهل صلاح الدين الأيوبي تماماً صيانة المسجد، ووفقا للمفضل فإن إحدى مآذن المسجد رممت خلال حكم صلاح الدين.

كما أفل نجم الأزهر كمركز للتعليم الديني،  فسُحِبَ تمويل الطلاب، ولم تعد دروس الفقه تعقد في المسجد، واضطر الأساتذة الذين ذاع صيتهم في عهد الفاطميين إلى البحث عن وسائل أخرى لكسب عيشهم. كما تعرضت مكتبة المسجد الضخمة للإهمال، ودمرت مخطوطات التعاليم الفاطمية التي كانت تُدرَّس في الأزهر. ومع ذلك ظل الأزهر مكاناً لتعليم بعض العلوم الأخرى طوال تلك الفترة، فبينما تم إيقاف فصول الدراسة الرسمية في الجامع، إلا أنه استمرت الدروس الخاصة لتعليم اللغة العربية، وتذكر بعض المصادر أن البغدادي درَّس عددًَا من المواضيع مثل القانون والطب في الأزهر، وقد أمر صلاح الدين بأن يُدفع له راتبًا قُدر بـ 30 دينار، ثم ارتفع إلى 100 دينار من خلفاء صلاح الدين الأيوبي، على الجانب الآخر شجع الأيوبيون تدريس الفقه السني في المدارس المعانة، التي بنيت في جميع أنحاء القاهرة،  وأنشئت المؤسسات التعليمية من قبل الحكام السنيين كوسيلة لمكافحة ما يعتبرونه هرطقة تعاليم "الشيعة"، وقد كانت هذه الكليات تتراوح في حجمها وتركز على تعليم المذهب السني، وكان لها منهجًا ثابتًا وموحدًا شمل دورات خارج مواضيع دينية محضة، مثل البلاغة، والرياضيات، والعلوم، وقد بُنيت 26 مدرسة سنية في مصر فقط خلال عهد صلاح الدين والحكام الأيوبيين الذين أتوا من بعده، منها المدرسة الصالحية.

اعتمد الأزهر في نهاية المطاف الإصلاحات التعليمية التي فرضها صلاح الدين، وتحسنت حظوظه في عهد المماليك، الذين أعادوا رواتب الطلاب ورواتب الشيوخ.

في عصر الدولة المملوكية
أعيد إقامة الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس في 1266، ومع التوسع السريع في القاهرة، والحاجة إلى دور المسجد، قام السلطان بيبرس بتجاهل تاريخ الأزهر كمؤسسة لنشر المذهب الشيعي الإسماعيلي، وأمر بعودة رواتب الطلاب والمعلمين، فضلا عن بداية العمل لإصلاح المسجد، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة. ووفقا للمفضل، فإن الأمير عز الدين أيدامور الهيلي بنى منزله بجوار المسجد، لمراقبة أعمال الإصلاح. وقد ذكر تقي الدين المقريزي أن الأمير أصلح الجدران والسقف، ووفَّر الحصير الجديد. وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم في 16 كانون الثاني/يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد انتهى تجهيزه قبل الخطبة بخمسة أيام.

في عام 1302 تسبب زلزال بأضرار كبيرة للأزهر وعدد من المساجد الأخرى في جميع أنحاء مصر. وتم تقسيم مسؤولية إعادة الإعمار بين أمراء السلطنة وكان المكلف بترميم الأزهر هو الأمير سالار، ليتولى بذلك أول أعمال إصلاح منذ عهد بيبرس، وبعد سبع سنوات تم بناء المدرسة الأقبغاوية على طول الجدار الذي يقع في الشمال الغربي من المسجد، وتمت إزالة أجزاء من جدار المسجد لاستيعاب المبنى الجديد، وبدأت أشغال بناء مدرسة أخرى، سميت بالمدرسة الطيبرسية في 1332-1333. وقد اكتمل هذا المبنى في 1339-1340، وبنى أيضا هيكل للمسجد، ونافورة للوضوء. وبنيت كل المدارس والمباني المكملة للأزهر، بمداخل وقاعات صلاة منفصلة.

على الرغم من أن المسجد قد استعاد مكانته في عهد المماليك، إلا أن أعمال التصليح والتوسعة، نفذت بأوامر من هم في مواقع أقل من السلطان، وقد تغير هذا في ظل حكم الظاهر برقوق، أول المماليك الشركس، الذي أولى المسجد رعايته المباشرة، وخلال أواخر حكم المماليك أدخلت تحسينات وإضافات من قبل السلطانين قايتباي وقنصوه الغوري، فأشرف كل منهما على العديد من الإصلاحات وبناء المآذن. وقد كانت هناك ممارسة شائعة بين سلاطين المماليك لبناء المآذن، ويُنظر إليها على أنها رمز القوة والطريقة الأكثر فعالية في تدعيم صورة مدينة القاهرة، وتمنى كل سلطان أن تكون له لمسة مرموقة في الأزهر.

على الرغم من أن مسجد الأزهر كان جامعة رائدة في العالم الإسلامي واستعاد الرعاية الملكية، إلا أنه لم يتفوق على المدارس الأخرى، كمكان مفضل للتعليم بين النخبة في القاهرة. واستمرت سمعة الأزهر بوصفه مكانًا مستقلًا للتعليم، في حين أن المدارس الدينية التي تم بنائها خلال حكم صلاح الدين الأيوبي كانت مندمجة تماما في النظام التعليمي للدولة. واستمر الأزهر في جذب الطلاب من مناطق أخرى في مصر والشرق الأوسط، وتجاوز أعداد الطلاب به أعداد الذين يحضرون المدارس الدينية الأخرى، وجرت دراسة فروع الشريعة الإسلامية بمتوسط مدة دراسة ست سنوات. في القرن الرابع عشر حقق الأزهر مكانة بارزة باعتباره مركز لدراسات الشريعة والفقه واللغة العربية، وأصبح قبلة الأنظار للطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي. حتى بلغ عدد من درسوا به حوالي ثلث علماء المسلمين في مصر.

٤ العمارة:

الهندسة المعمارية للأزهر ترتبط ارتباطًا وثيقا بتاريخ القاهرة. واستخدمت فيها مواد مأخوذة من فترات متعددة من التاريخ المصري، والتي استفادت من أسلوب العمارة الفاطمي في إفريقية، ثم حصل المسجد على إضافات وتوسعات من الحكام الذي تعاقبوا على مصر، فتأثرت عمارة الجامع بأساليب معمارية عدة من داخل وخارج مصر على حد سواء، مُزجت هذه التأثيرات معًا، وظهرت معها أساليب معمارية جديدة كانت مصدر إلهام فيما بعد، مثل القباب التي بُنيت الفترة العثمانية والمآذن التي بناها المماليك.

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ wikipedia