إن مع العسر يسرا 🌼


بواسطة التلميذ(ة):
إن مع العسر يسرا 🌼

١ مقدمة

يقول تعالى: { ألم نشرح لك صدرك} يعني قد شرحنا لك صدرك أي نورناه، وجعلناه فسيحاً رحيباً واسعاً كقوله: { فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} ، وكما شرح اللّه صدره كذلك جعل شرعه فسيحاً سمحاً سهلاً، لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق، وقيل: المراد بقوله: { ألم نشرح لك صدرك} شرح صدره ليلة الإسراء، وهذا وإن كان واقعاً ليلة الإسراء، ولكن لا منافاة، فإن من جملة شرح صدره الحسي الشرح المعنوي أيضاً، وقوله تعالى: { ووضعنا عنك وزرك} بمعنى { ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ، { الذي أنقض ظهرك} الإنقاض الصوت أي أثقلك حمله، وقوله تعالى: { ورفعنا لك ذكرك} قال مجاهد: لا أُذكر إلا ذكرت معي (أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه)، وقال قتادة: رفع اللّه ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها، أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، روى ابن جرير عن أبي سعيد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: اللّه أعلم، قال: (إذا ذكرتُ ذكرتَ معي) ""رواه ابن جرير"".
وحكى البغوي عن ابن عباس ومجاهد أن المراد بذلك الأذان، يعني ذكره فيه، كما قال حسان بن ثابت: وضم الإله اسم النبي إلى اسمه ** إذ قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليُجلَّه ** فذو العرش محمود وهذا محمد وقال آخرون: رفع اللّه ذكره في الأولين والآخرين، ونوه به حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به، وأن يأمروا أُممهم بالإيمان به، ثم شهر ذكره في أمته، فلا يذكر اللّه إلا ذكر معه.
وقوله تعالى: { فإن مع العسر يسراً .
إن مع العسر يسراً} أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر،ثم أكد هذا الخبر، بقوله: { إن مع العسر يسراً} ، قال الحسن: كانوا يقولون: لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين، وعن قتادة ذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشّر أصحابه بهذه الآية فقال: (لن يغلب عسر يسرين) ""رواه ابن جرير""، ومعنى هذا أن العسر معرف في الحالين، فهو مفرد، واليسر منكر، فتعدّد، ولهذا قال: (لن يغلب عسر يسرين( يعني قوله: { فإن مع العسر يسراً .
إن مع العسر يسراً} فالعسر الأول عين الثاني، واليسر تعدد، ومما يروى عن الشافعي أنه قال: صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا ** من راقب اللّه في الأمور نجا من صدّق اللّه لم ينله أذى ** ومن رجاه يكون حيث رجا وقال الشاعر: ولرب نازلة يضيق بها الفتى * ذرعاً وعند اللّه منها المخرج كملت فلما استحكمت حلقاتها * فرجت وكان يظنها لا تفرج وقوله تعالى: { فإذا فرغت فانصب .
وإلى ربك فارغب} أي إذا فرغت من أُمور الدنيا وأشغالها، وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة، وقم إليها نشيطاً فارغ البال، وأخلص لربك النية والرغبة، قال مجاهد في هذه الآية: إذا فرغت من أمر الدنيا فقمت إلى الصلاة فانصب لربك.
وعن ابن مسعود: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل، وفي رواية عنه { فانصب} بعد فراغك من الصلاة وأنت جالس، وقال ابن عباس { فإذا فرغت فانصب} يعني في الدعاء، وقال الضحّاك { فإذا فرغت} أي من الجهاد { فانصب} أي في العبادة { وإلى ربك فارغب} قال الثوري: اجعل نيتك ورغبتك إلى اللّه عزَّ وجلَّ.

٢ تفاسير لآية ؛ إن مع العسر يسرا :

لماذا جاءت الآية (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) الطلاق) ولم تأتي على نسق قوله تعالى (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) الشرح)؟ (سيجعل) هنا ذِكر حالة عسر كما في قوله تعالى (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ) ليس معه يسر الآن وإنما قُدِر عليه الرزق الآن وهو مُضيّق عليه واليسر سيكون فيما بعد (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)) فهذه حالة واقعة خاصة معيّنة والتوسعة ستكون فيما بعد./ولا يمكن أن تأتي محلها (إن مع العسر يسرا) فهذه حالة عامة هذه في سورة الشرح وفيها رأيان قسم يقول أنها خاصة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن سورة الشرح والضحى خاصتان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أن مع العسر الذي هو فيه سيكون معه يسر وقسم يقول هذه عامة بمعنى أن الله تعالى إذا قضى عُسراً قضى معه اليُسر حتى يغلبه، فالله تعالى قدّر أنه إذا قضى عُسراً قدّر معه يُسراً. إذن الآية الأولى حالة خاصة ومسألة معينة ولا يصح معها (إن مع العسر يسرا) لأن الرزق مقدّر ومُضيّق عليه الآن والآية وعد بأن ييسر الله تعالى له فيما بعد.

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ mawdou3