تلخيص قصير لسورة يوسف


بواسطة التلميذ(ة):
تلخيص قصير لسورة يوسف

١ مقدمة

سُورَة يُوسُفْ هي سُّورَة مكَّية بالإجماع أُنزلت قبل هجرة الرسول من مكة، ترتيبها الثّانية عشرةَ بين سّور المُصْحَف البالغة مئةٍ وأربعة عشر سُّورَة، وعدد آياتها مئةٌ وإحدى عشرةَ آيةً، وفي ترتيب القرآن الكريم تقع بعد سورة هود وقبل سورة الرعد.
وهي السّورة الثّالثة والخمسون من حيث النزول، حسب قول بدر الدين الزركشي فقد نزلت بعد سورة هود وقبل سورة الحجر.
سميت السٌّورة بهذا الاسم لأنَّها تناولت قصّة نبي الله يوسف، حيث احتوت السُّورة على القصة الكاملة ليوسف بملامحها كلها في سورة واحدة، وتسرد السورة أنواع البلاء والشدائد التي تعرض لها يوسف من أخوته، منذ وضعه في البئر ومفارقته لأهله وأبويه وبيعه وهو طفل، إلى سجنه، وتآمر النسوة عليه، ثم توليه خزائن مصر، حيث أن جميع هذه الأحداث كانت تُتلى تباعاً لتوالي مشاهدها وفصولها.

٢ تلخيص قصير لسورة يوسف:

بداية قصة سيدنا يوسف للاطفال

تبتدئ احداث هده القصة العجيبة لنبي يوسف في قرية تسمى كنعان حيث كان النبي يوسف يسكن مع أبيه وإخوانه ، و في يوم من الأيام بدئت القصة برؤيا في المنام (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) تم قصها على أبيه النبي يعقوب عليه السلام أنه قد رأى في منامه إحدى عشرا كوكبا والشمس والقمر له ساجدون ، (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) فأدرك النبي يعقوب على الفور مكانة يوسف وأن شأنه سيعلو بين إخوته (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) ، فقام النبي يعقوب على الفور بنصح يوسف بعدم قص الرؤي على إخوته خوفا عليه من الغيرة التي سوف تشتدد .
 
وبسبب تلك الرؤيا أحس إخوته بالغيرة والحقد تجاه يوسف 
ففكر الإخوة في خطة لتخلص من الإبن المحبوب لأبيهم يعقوب عليه السلام ، فقال أحدهم أنه يجب أن يقتل بينما إقترح أحد الإخوة رميه في البئر (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) ، بعد رميه في غيابة الجب جاء رحال على الجمال فوجدو النبي يوسف عليه السلام تم باعوه إخوته بثمن بخس للقافلة التي كانت تسير بجانب البئر .
 
مكر الإخوة مع النبي يعقوب عليه السلام لإخباره بوفاته إبنه المدلل يوسف وأن الذئب هو من إلتهم يوسف عليه السلام و كان ذليلهم على ذلك هو ثوبه الملطخ بالدم (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) ، لكنهم نسو أن يمزقوا توبه ، لذلك لم تنطوي الحيلة على نبي الله . 
 
تم إشتراه عزيز مصر فأصبح عبدا لعزيز مصر في ذلك الوقت وأحبته زوجة العزيز لجماله وحسن أخلاقه ، وبذلك تنتهي طفولة النبي يوسف عليه السلام (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)  .
 

مرحلة الشباب في حياة النبي يوسف عليه السلام 

 
 
إنتهت مرحلة الطفولة في بيت العزيز وأصبح يوسف شابا جميلا حيث وصف جماله بأنه ملاك ، وبدئ يثير شهوة إمرأة عزيز مصر بجماله فبدئت تتودد أليه لكي يقوم بتلبية رغباتها ، وهو الأمر الذي كان مرفوضا عند النبي يوسف عليه السلام (22) وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) .

قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز

 وفي يوم من الأيام قررت زوجة العزيز ممارسة الفاحشة مع نبي الله ، وأغلقت جميع الأبواب في الغرفة وقالت أنا لك ، فأجابها نبي الله معاد الله إنه ربي أحسن مثواي (24) وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) .

 ثم ذهب هاربا نحو الأبواب ففتحت الأبواب وهو يحاول الهرب أمسكت به زوجة العزيز من الخلف  فتقطع توبه  (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)  .

 وعند هروبه من الباب وجد أمامه زوج إمرأة العزيز ، للتفاجئ زوجة العزيز بزوجها وبدأت تلقي اللوم على على النبي يوسف وأنه يريد أن يعتدي عليها دون رضاها ، ولكن النبي يوسف نفى الأمر وقال بأنه هي من راودته عن نفسه ، ثم أعطى الله عز وجل بأن يشهد شاهد من أهل الزوجة بأن القميص إدا مزق من الأمام فهو الضالم وإدا مزق من الخلف فهي الضالمة .

 ولما نطر العزيز الى قمصيه وراه مزق من خلف تيقن بأن زوجته هي الفاعلة وهي البادئة ، وحين ذلك إعتدر من يوسف وقال له أعرض عن الذي وقع اليوم  (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) ، تم بعد مدة إنتشرت واقعة زوجة العزيز في المدينة بين نساءها وبدئ الحديث يكثر على زوجة العزيز بأنها تراود فتاها عن نفسه ، ففكرت زوجة العزيز في كيفية الخروج من مأزق (29) وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)  .
 
ففكرت في دعوتهم لحفل في قصرها ، وبعد قدوم نساء المدينة الى الحفل قدمت لهم فاكهة وسكين ثم طلبت من النبي يوسف الدخول عليهم وسط المجلس فلما رأوى نسوة ذلك قطعن أيديهن بدون أن يشعرن بذلك (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) .
 

 فلقد وصف النبي يوسف بأنه ملاك وليس بشر ، وبذلك تنفست زوجة العزيز الصعداء لتبرير فعلتها وهي مراودة النبي يوسف عليه السلام  ، وبذلك زاد حب نسوة المدينة وزوجة العزيز ليوسف ، ثم قالت زوجة العزيز إلم يفعل ما أمره لا أدخلنه السجن ، ثم قال النبي يوسف لربه أن السجن أحب إليه من الفتنة وبقبول عرض النسوة  (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) ، فستجاب الله لدعائه وأدخله السجن ليقيه شر النسوة .
 
قصة نبي الله يوسف في السجن
ودخل نبي الله يوسف عليه السلام السجن ، بعد إستجابة الله لدعائه ، وبذلك وقاه الله من النسوة ومن الوقوع في الفتنة ، وكان نبي الله محبوبا في السجن بشكل كبير بين السجناء وأحبه الجميع ، وكما قص القرآن الكريم بأنه دخل معه فتيان الى السجن (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) .

 وفي يوم من الأيام رأى الفتيان منام لكل واحد منهما ، فقاما بقص الرؤي علي النبي يوسف لكي يؤول لهم ، ولكن نبي الله لم يكن مستعجلا في تأويل الرؤي ، فقام في بداية الأمر بدعوتهم الى الله عز وجل والإيمان بخالق الكون ، وبعد ذلك نبأهم بتفسير تلك الرؤي وقال لهم بأن الشخص الأول سوف يعلو مقامه ويصبح ساقي الملك وبأن الشخص التاني سوف يصلب و بعد ذلك سوف تأكل الطيور من رأسه  (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) .  وبالفعل تحقق نبأ يوسف عليه السلام فطلب من الأول الذي سيصبح ساقي الملك بأن يتحدث له عن يوسف ، ولكن ساقي الملك لم يتدكر الأمر وانساه الشيطان تذكر الأمر .
 
ومرة السنوات وفي يوم من الأيام رأى الملك منام ، فعجز الجميع عن تفسير حلم الملك ، ثم تذكر ساقي الملك أمر النبي يوسف عليه السلام (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)  ثم قص القصص على الملك فأمره الملك بذهاب ليوسف ليفسر الرؤيا وبالفعل فسرها بشكل جعل الملك يتعجب من أن هناك شخص في السجن يستطيع تفسير الرؤيا ، فأمر الملك بإخراجه من السجن  (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) .
 
مرحلة ما بعد السجن والتمكين في الأرض
 
وجاء الفرج وخرج نبي الله من السجن وذهب للملك وعينه أمينا على خزائن الأرض ، وبدلك تغير حال نبي الله يوسف من السجن  الى مكانة رفيعة في مصر ، وحل الجفاف في المملكة وتحققت رؤيا الملك ، وبدئ الجميع يأتي الى مصر ليأخد بعض القمح لسد رمق العيش .

 وطهر إخوته يطلبون القمح في مصر  فعرفهم النبي يوسف لهم ينكرون معرفته  (57) وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) ، ففكر نبي الله في خطة لجمع شمل الأسرة بكاملها ، والمجئ الى مصر للعيش هناك  وذلك ما تحقق في الأخير وسجد الجميع لنبي الله يوسف عليه السلام إبن إسحاق وتحققت نبوءة يوسف عليه السلام (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) .

٣ ملخص سورة يوسف:

  • تبدأ السورة برؤية لسيدنا يوسف رآها في المنام وهو صغير، حيث رأى سجود الشمس والقمر و11 كوكباً له، فلما قص هذه الرؤية على والده سيدنا يعقوب طلب منه أن يتكتم على هذا الحلم وألا يرويه لأخوته خوفاً عليه من الحسد.
  • كان ليوسف عليه السلام عشرة أخوة يحملون له مشاعر الغيرة والحقد لشعورهم بتميزه عنه وحب أبيه الشديد له أكثر منهم.
  • وفي يوم من الأيام أرادوا تدبير مكيدة مكيدة فقد أقنعوا والدهم يعقوب عليه السلام باصطحابه معهم في الصحراء للهو واللعب، ومن ثم ألقوه في البئر وعادوا إلى والدهم بقميصه المليء بالدم، وأدعو أن الذئب قد أكله.
  • وجاءت إحدى القوافل ورأته وأخذوه معهم فانتقل سيدنا يوسف إلى بيت وزير مصر، وعندما اشتد عوده تعرض لابتلاء آخر وهي مكيدة أخرى دبرتها له زوجة عزيز مصر التي فتنها جماله وقد رفض طلبها في ارتكاب الفاحشة مما أدى ذلك إلى دخوله السجن.
  • قضى سيدنا يوسف في السجن عدة سنين ظُلمًا، وقد كان يُفسر الأحلام للسجناء، وذاع صيته لدى الملك الذي استدعاه لتفسير رؤية رآها، وكان ذلك سببًا في كشف حقيقة ما حدث بينه وبين امرأة العزيز وظهور براءته.
  • رفع الله هذا البلاء عن سيدنا يوسف فقد كان هذا الاختبار من أجل تمكينه ورفع منزلته ليكون والياً على خزائن مصر، وبدأ التفكير في كيفية العودة إلى أبيه مرة أخرى.
  • وفي أحد الأيام قرر سيدنا يوسف منع الطعام عن أخوته من أجل أن يأتي إليه أخيه بنيامين ثم دبر خطة أخرى لكي لا يعود بنيامين معهم من خلال سرقته للمكيال الذي وضعه يوسف في رحل أخيه، وعندما طلب أخوته بأن يعود بنيامين معهم وأن يرفق بحالهم حيث فقد والده البصر من شدة الحزن وأصابهم الفقر، فأخبرهم يوسف بأنه أخيهم فندموا على ما فعلوه معهم، فطلب منهم سيدنا يوسف أن يذهبوا بقميصه إلى أبيه وأن يلقوه عليه حتى يعود إليه بصره، وعندما عاد إلى أبيه سجد إليه أخوته سجود تكريم فتحققت الرؤية التي حلم بها من قبل.

٤ سبب نزول سورة يوسف:

  • كان نزول سورة يوسف في وقت عام الحزن الذي توفيت فيه السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن هذا العام شهد وفاة عمه أبو طالب، وقد أراد الله نزول تلك السورة في هذا التوقيت لتخفيف الحزن والضيق على رسوله، إذ أن قصة سيدنا يوسف التي وردت في هذه السورة كانت مليئة بالابتلاءات والصعوبات لسيدنا يوسف ووالده
  • من بين أسباب نزول سورة يوسف أن اليهود كانوا يرغبون في معرفة أحداث قصة سيدنا يوسف فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يروي لهم القصة فنزلت السورة لإخبار النبي بكافة تفاصيل وأحداث القصة كاملة وتأكيداً على أن الآيات التي نُزلت هي وحي من الله وليست من النبي.

لماذا سميت سورة يوسف بهذا الاسم

  • أما عن سبب تسمية سورة يوسف بهذا الاسم فذلك لأنها السورة الوحيدة من سور القرآن الكريم التي تناولت قصة سيدنا يوسف عليه السلام بشكل مفصل وبالترتيب من البداية إلى النهاية.
  • فهناك العديد من السور في القرآن الكريم تناولت قصص أكثر من نبي، ولكن ليس بهذا الشرح والتفصيل.

٥ عظات وعبر من قصة يوسف عليه السلام:

امتلأت قصّة يوسف بالعبر والمعاني التي ترفع من المستوى الإيمانيّ والأخلاقيّ والسلوكيّ للمؤمن، وقد ارتكزت هذه القصة على ثلاث محاور أساسية؛ هي الثقة بتدبير الله، والصبر على المصيبة، وترك اليأس؛ فيتوكّل العبد على الله -تعالى- ويعلم أنّ كل ما يحصل له فيه حكمة قد يعلمها وقد تخفى عنه، وهو في ذلك كلّه صابر محتسب متوكل على الله -تعالى- مستسلم لقضائه وقدره، وهو لا ييأس من تنزل رحمة الله -تعالى- عليه، فيُبقي اتّصاله بالله -تعالى- ودعاءه له حاضراً، كما يشكر الله -تعالى- دائماً، ويُرجع الفضل له أولاً وآخراً.

٦ سورة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم:

تُعَدّ سورة يوسف السورة الثالثة من حيث نزولها بعد سورة الإسراء، وهي مكيّة نزلت بعد، أمّا المرتبة التي تحتلّها من حيث ترتيب النزول، فهي الثالثة والخمسون، وعدد آياتها هو مئة وإحدى عشرة آية، وقد نزلت في وقتٍ كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يعاني فيه من الحزن والألم بسبب موت عمَه أبي طالب وزوجته خديجة -رضي الله عنها-، وهذه السورة كغيرها من السور التي تحتوي على القصص القرآني الذي يعدّ طريقة بيان للأسلوب الدعويّ الذي اتّبعه الأنبياء -عليهم السلام-، كما تعدّ مصدراً إلهيّاً لمعرفة أنبيائه -عليهم السلام- وقصصهم، وبهذه المعرفة تستقيم حال العبد، وتصحّ هدايته وإيمانه؛ لأنّه يتّبع الأنبياء -عليهم السلام- ويقتدي بهم عند معرفته لحقيقة ما حصل معهم. ١

 

٧ تأملات في سورة يوسف:

سورة يوسف نزلت في عام الحزن..
هي السورة الوحيدة في القرآن، التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها..
لذلك قال الله تعالى عنها:/ أنه سيقص على النبي - صلى الله عليه و سلم -:/ {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} يوسف من الآية:/3 ..
وهي أحسن القصص بالفعل، كما يقول علماء الأدب، وخاصة المتخصصين في علم القصة..
فكل عناصر القصة الجيدة متوفرة بها:/ من التشويق، واستخدام الرمز، والترابط المنطقي، وغير ذلك..
فهي تبدأ بحلم، وتنتهي بتفسير هذا الحلم..

من الطريف أن قميص يوسف:/
- استُخدم كأداة براءة لإخوته.. فدل على خيانتهم..
- ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف - عليه السلام -  نفسه مع إمرأة العزيز.. فبرَّأه!!
- ثم استخدم للبشارة.. فأعاد الله تعالى به بصر والده..

نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة، وكأنك تراها بالصوت والصورة..
وهي من أجمل القصص التي  يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به..

لكنها لم تجيء في القرآن لمجرد رواية القصص..
لكن هدفها هو ما جاء في آخر سطر من القصة وهو :/
{إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} يوسف من الآية:/90 ..
فالمحور الأساسي للقصة هو:/
- ثِق في تدبير الله..
- اصبر..
- لا تيأَس..

الملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة، مفادها أن الشيء الجميل، قد تكون نهايته سيئة والعكس!
فيوسف - عليه السلام - أبوه يحبه، و هو شيء جميل.. فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى في البئر!
ثم الإلقاء في البئر، شيء فظيع.. فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز!
ثم الإكرام في بيت العزيز، شيء رائع.. فتكون نهايته أن يدخل يوسف - عليه السلام - السجن!
ثم أن دخول السجن، شيءٌ بَشِع.. فتكون نتيجته أن يصبح يوسف - عليه السلام - عزيز مصر!

الهدف من ذلك؛ أن تنتبه، أيها المؤمن، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك.. فلا تشغل نفسك به.. ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء.. وفق عِلمه وحِكمته..

فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط.. ولم تفهم الحكمة منها.. فلا تيأس ولا تتذمَّر.. بل ثِق في تدبير الله.. فهو مالك هذا المُلك.. وهو خير مُدبِّر للأمور..

كما يفيد ذلك؛ أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة.. ولكنه يحمل في طياته العذاب.. أو العكس..

العجيب أنك في هذه السورة، لا تجد ملامح يوسف - عليه السلام - النبي، بل تجدها في سورة (غافر)...
أما هنا فقد جاءت ملامح يوسف - عليه السلام - الإنسان.. الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته.. ولكنه نجح..
ليقول لنا:/ إن يوسف - عليه السلام -  لم يأتِ بمعجزات.. بل كان إنساناً عاديَّاً.. ولكنه اتَّقى الله.. فنجح!
وهي عِظة لكل شاب مُسلم مُبتَلى.. أو عاطل ويبحث عن عمل..
وهي أمل لكل مَن يريد أن ينجح.. رغم واقعه المرير..

فهذه هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس، قال تعالى:/
{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} يوسف من الآية:/80 ..
{وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يوسف من الآية:/87 ..
{حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} يوسف من الآية:/110 ..

وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن:/
إن اللهَ قادر.. فلِمَ اليأس؟

إن يوسف - عليه السلام -، رغم كل ظروفه الصعبة، لم ييأس ولم يفقد الأمل..
فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة؛ في الدنيا:/ حين استطاع، بفضل الله، ثم بحكمته، في التعامل مع الملِك، أن يُصبح عزيز مصر.. وفي الآخرة:/ حين تصدَّى لامرأة العزيز.. ورفض الفاحشة.. ونجح!

لقد نزلت هذه السورة بعد عام الحزن حين كان النبي - صلى الله عليه و سلم - في أشد أوقات الضيق، وعلى وشك الهجرة وفراق مكة..

وهنا نلاحظ أشياء مشتركة بين يوسف - عليه السلام-  والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -:/
- يوسف - عليه السلام - ترك بلده فلسطين.. والنبي - صلى الله عليه وسلم - على وشك ترك مكة أحب البلاد إليه..
- ويوسف - عليه السلام -  فارق أهله.. والنبي - صلى الله عليه وسلم - فارق أهله، فماتت زوجته خديجة ومات عمه الذي كان يدافع عنه..
- يوسف - عليه السلام - انتصر.. وكأن الله تعالى يريد أن يقول للنبي - صلى الله عليه و سلم - إن يوسف مر بظروف مشابهة لظروفك.. ولكنه انتصر.. وكذلك أنت.. سوف تنتصر مثله بإذن الله!..

لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، في أمس الحاجة لهذه المعاني..
فقد نزلت السورة وهم في مرحلة معنوية هابطة..
ولعل هذا يذكِّرنا أيضاً، بمرحلة الهبوط الشديد الذي تعاني منه الأُمة اليوم..
وكأن الله تبارك و تعالى يقول لنا لا تيأسوا فالنجاح قادم..

فهذه السورة تعلِّمنا الأمل..  ولكن تذكَّر أنه بعد النجاح مطلوب منك التواضع.. لأن النجاح فضلٌ من الله.. قال تعالى:/ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} النصر:/ -3 .. فلا تدع غمرة النجاح ونشوة الانتصار تنسيك التواضع لله..

وليكُن قدوتك في ذلك يوسف - عليه السلام - حين قال في نهاية القصة في الآية:/ {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} يوسف:/101 ، وكأن الصالحين سبقوه.. وهو يريد اللحاق بهم..

فهذه السورة كما قال العلماء:/ "ما قرأها محزون ٌ.. إلا سُرِّي عنه"..
أشركونا في صالح دعائكم..

منقول

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ Wikipedia