رواية نقمة المهمشين


بواسطة التلميذ(ة):
رواية نقمة المهمشين

١ مقدمة

ولعله لا يمكن الحديث عن المهمشين في الرواية، من دون ذكر ثلاثية الكاتب المغربي محمد شكري «الخبز الحافي»، «وجوه»، و»الشطار».
هذه الثلاثية التي أبدع شكري في رصد العالم السفلي للمهمشين في طنجة، حيث اختلطت حياة أبطاله مع حياته.
ثلاثية شكري أثارت جدلًا كبيرًا ومنعت من الدخول لعدة دول عربية، لما فيها من وصف دقيق للواقع القاسي والمؤلم للمهمشين، لكن هذه الثلاثية تمكنت من وضع اسم محمد شكري بجانب أسماء قامات عالية في الأدب العربي، ربما لما فيها من صدق ومعالجة عميقة بعيدة عن التكلف. • فئات مطحونة الروائي المصري محمد البساطي الذي غيبه الموت منذ وقت قصير، من أبرز الأدباء الذين كتبوا عن المهمشين، يتمكن القارئ من التوقف عند هذه الخاصية في كتابته من خلال عدة أعمال، وخاصة روايته «جوع»، التي تنفتح على جو عائلي موسوم بالفقر والحاجة.
والبساطي في معظم رواياته وقصصه يقدم شرائح من المجتمع أقل ما توصف به أنها فئات مطحونة، وهي من إفراز واقع بغيض، حيث تواجه هذه الطبقات صراعًا لا ينتهي، وتحيا واقعًا قاسيًا يفرط في قسوته على هذه الجماعة، هذا ما يدفع الزوجة في رواية «جوع» أن تترك كسرة من الخبز الجاف ليسد بها الزوج رمقه في المساء دون غموس، أو جمع الابن «في ذات الرواية» الخبز المحترق من الفرن لتأكله الأسرة، أو تغاضي فاطمة عن ضرب زوجها وإهانته لها؛ لئلا تعود إلى بيت أمها وما تعانيه من تحرشات زوج الأم، كما هو الحال في رواية «غرف للإيجار»، أو من قبيل أن ينسى الأب ابنته ولا يراها إلا أول الشهر لا من أجل شيء، وإنما فقط ليجني ثمرتها التي حان وقت قطافها، وحين تتزوج لا يدري أين هي؟ • نماذج بارزة يقول الروائي جمال الغيطاني: لا يمكن بحال الإحاطة في سطور بالمشهد الكلي للقصص وروايات تناولت المهمشين, وإن كانت ثمة نماذج بارزة في تاريخ الإبداع, فهناك أعمال ديستويفسكي, وغوركي، وتشيكوف، وهيمنجواي، ومورافيا، وكامي، وهنري ميللر، وكلها احتفت بشكل أو بآخر بنماذج من بشر عاديين «مُهانين» دائمًا على المستوى المعنوي والمادي, بل أن بعضهم يحمل بين طياته مشاعر وأحاسيس عبقرية, ولكنها لا تمنحه قدرًا من التواصل الفاعل في مجتمعه، وبذلك قد يلجأ البعض للانتحار أو الاستسلام للعجز كإشارات إدانة لواقع لا يحقق له الأنصاف والحضور الطبيعي. وقد كرس العديد من الكتاب إبداعهم ليعبروا عن تلك الفئات وأضاءوا الدوافع المحركة للإزاحة من «المتن» إلى «الهامش»، ومن هنا ظهرت مجموعة من الأبطال يطاولون قامة هاملت، وعطيل، وأوديب، وأرفيوس، وسائر الملوك والنبلاء الذين يواجهون المأزق التراجيدي, أو يصارعون قوى أكبر من طاقة احتمالتهم, لعلهم يظفرون بخلاص نهائي من تلك العذابات التي تتسم بالقدرية والتباعد عن ملامسة تفاصيل الواقع الحي بزخمه وعلاقاته العادية, وإذا انتقلنا إلى الإبداع العربي سنجد كُتَّابًا عديدين احتفوا بهذا النموذج «المهمش»، ووجدوا فضاء مفتوحًا أمامهم للتعبير عن الهم الإنساني والأحلام والهموم والإحباطات مثل: أعمال نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، ويحيى حقي، وإبراهيم أصلان، وخيري شلبي، وصنع الله إبراهيم وغيرهم. • دور «المهمش» ولكن ثمة أسئلة تسعى للحضور حول اختلاف دور «المهمش» بين إبداعات الماضي والحاضر, فإذا كان «دون كيشوت» هو أحد المهمشين الذين صارعوا طواحين الهواء وحلقوا في حلم الارتقاء, فكان فارسًا ونبيلًا لا يبالي بالأخطار, ويقدم الصفوف ليخوض حروبًا «وهمية» ويحقق الانتصارات ويلحق الهزائم بالأعداء..
فهل ثمة انتباه أو وعي لدى «المهمش» الآتي بضرورة أن ينفض عنه أحلام اليقظة، ويبحث عن دور فاعل؟ وماذا عن اختلاف الرؤية وتجدد المعطيات التي تنعكس بشكل أو بآخر على الإبداع؟ ووفق تراكم الكتابة, قد يطفو النبلاء على السطح «المتن» أو يحدث العكس تمامًا نتيجة لانحياز الكاتب, وعلى القارئ أن يتقبل هذا دون تعليق، باعتبار أن الرؤية قد ظهرت قبل قرنين من الزمان, والقصة أيضًا باعتبارها فن الكتابة الأدبية في القرن العشرين بما التزمت به من كثافة والتقاط موحي لتفاصيل الواقع المعاش, فهي الفن المرشح بقوة للاستمرارية والحضور خلال قرون قادمة

٢ موضوعها:

المهمشون في السرد العربي أبطال بلا بطولة../شخصيات عادية في الحياة تبحث عن السلام والرزق الحلال ورغم ذلك لا يرحمهم المجتمع. القاهرة ـالحياة الثقافية - وكالة الصحافة العربية صرخات المهمشين من هم المهمشون؟ انهم الأبطال بلا بطولة../الشخصيات العادية في الحياة التي تبحث عن السلام والرزق الحلال ورغم ذلك لا يرحمهم المجتمع، فقد يواجهون الذل والحرمان، ويعانون الفقر وتسقط بعض حقوقهم، وتتحول حياتهم إلى مأساة كبيرة./أن هؤلاء يعيشون حولنا ومعنا وفي كل مكان منهم الموظف، والمثقف، والمفكر، ورجل الشارع، والشاب المكافح والمرأة التي تكدح لتربية أبنائها./وفي تلك الجولة نتابع صور المهمشين في الأدب العربي، وكيف استطاع الأدباء تصوير مواقفهم وانتماءاتهم وأفكارهم. • البقاع المظلمة إن حضور المهمشين في بعض الروايات العربية، مكن الرواية من الوصول للقراء بشكل كبير، خاصة حين تنال جائزة ما، كما حدث مع رواية «ترمي بشرر» للكاتب السعودي عبده خال (الممنوعة في السعودية)./فقد نالت هذه الرواية جائزة البوكر في 2010، وتعتبر صوتًا للمهمشين، فشخصيات الرواية كما يرى المؤلف نادرًا ما تكون في دائرة الضوء:/ هي شخصيات بائسة، مشوهة، شبه معدمة، تقدم نمطًا مغايرًا تمامًا للمتوقع في مجتمع ارتبط اسمه بالثراء والروح المحافظة./وكأن الرواية أخذت على عاتقها إضاءة البقاع المظلمة في داخل شخصياتها، وفضح المستور ومواجهة القارئ بحقيقة مؤلمة، يلخصها الكاتب بمقولة فلسفية تعميمية مفادها أن النفس البشرية ليست سوى مخزن قاذورات

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ النهضة