قصة قارون


بواسطة التلميذ(ة):
قصة قارون

١ مقدمة

وردَ في قصة قارون أنّه من بني إسرائيل، وقد كان من أكثر النّاس مالًا، ولكنّه بدل أن يشكر المُنعم ويحمده على نعمه، نَسَبَ الفضل فيها إلى نفسه؛ فجحد وبغى، واغتر بما عنده، ونسي فضل ربه، وتكبر على قومه، فقارون رجل من قوم موسى عليه السّلام، آتاه الله مالًا فبغى فيه، وقيل إنّ اسمه قارون بن يصهر بن قاهث، وأنّه ابن عم موسى عليه السّلام، وقال بعضهم هو عم موسى عليه السّلام، ولا يوجد دليل معتبر يؤكد صحة نسبه وصلة قرابته بموسى عليه السّلام، والثابت فقط من ذلك أنّّه من بني إسرائيل؛ لقوله تعالى: "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ"

٢ قصة قارون :

أكثر قصة تَكَرَرَ ذِكْرُها في القرآن الكريم، هي قصة موسى عليه السّلام؛ فقد وردت بمشاهدها المختلفة، ومواقفها المتعددة، في العديد من السّور، وقد تضمّنت قصة موسى -عليه السّلام- عدة قصص، منها:/ قصة قارون، وفيما يأتي تعريف موجز بقصة قارون

٣ قارون وموسى عليه السلام :

أرسل الله -سبحانه وتعالى- موسى -عليه السّلام- إلى قارون مثلما أرسله إلى فرعون وهامان، وقد قارون رفض دعوة موسى عليه السّلام، واتهمه بالسّحر والكذب؛ قال تعالى:/ "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ"، وهو يشترك في صده وإعراضه واتهامه لموسى -عليه السّلام- واستكباره عن دعوته، مع فرعون وهامان، قال تعالى:/ "وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ" وقد ذكر بعضهم عدة قصص عن قارون، وهي من الإسرائيليات التي لا تصحّ، ومنها قولهم:/ أنه عندما أوجب الله -سبحانه وتعالى- الزكاة على بني إسرائيل، جاء قارون إلى موسى عليه السّلام، واتفق معه أن يدفع له الزكاة، ولكنّه لمّا رجع إلى بيته، وحسب ما وجب عليه من الزكاة، وجده مبلغًا كبيرًا، فبخل به، واتفق مع بعض المتآمرين من بني إسرائيل أنْ يحضروا فلانة البغي ويعطوها مالًا؛ لتتهم موسى -عليه السّلام- بنفسها، فيكون ذلك سببًا في خروج بني إسرائيل على موسى -عليه السّلام-، ويزعمون أنّ قارون قد جمع بني إسرائيل، ثمّ خرج موسى -عليه السّلام- إليهم؛ فأخبره قارون أمامهم بخبر المرأة، ثمّ جاءت المرأة، وبعد أن استحلفها موسى -عليه السّلام- صدقت في كلامها، وكذبت قارون وأخبرت بما كان منه، وهذه القصة لا تصح، وهي من الروايات الإسرائيلية وإنمّا ذكرناها هنا للتحذير منها.

٤ كنوز قارون :

كانت أموال قارون وكنوزه كثيرة جدًا، حتى أنّ مفاتيح خزائنها تُعجز المجموعة من الرجال الأشداء الأقوياء عن حملها، أو عن حمل الخزائن نفسها، قال تعالى:/ "وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ" ، وقد فُتن قارون بكنوزه وأمواله، فاستخدمها في التكبر والبطر والخيلاء والبغي والظلم والعدوان، وكانت كنوزه وأمواله أيضًا فتنةً لبني إسرائيل؛ إذ إنّ بعضهم فُتِن بها، وتمنّى أن يكون مثل قارون، ولكنّ المؤمنين من قومه لم يغترّوا بها؛ بل أنكروا على قارون تكبره وبغيه وإفساده وظلمه، وطالبوه أن يستخدمها فيما يرضي الله، وألّا يغترّ ولا يتكبر وأن يشكر الله على نعمه، قال تعالى:/ "إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" فأجابهم بقوله:/ " قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي"

٥ موت قارون :

خرج قارون يومًا بزينته على قومه متكبرًا مختالًا مفتخرًا بأمواله وكنوزه، وقد تجبر وطغى، فعاقبه الله -سبحانه وتعالى- بأن خسف به وبأمواله وكنوزه وداره الأرض، حيث شُقت الأرض وابتلعت قارون وما يملك، على مرأى من بني إسرائيل، ولم يجد قارون من ينصره ويدافع عنه، ولم تنفعه أمواله وكنوزه، فازداد المؤمنون إيمانًا، وزالت الغشاوة عن أعين من تمنّوا أن يكونوا مثل قارون، وحمدوا الله لأنّهم لم يكونوا مثله، قال تعالى:/ "وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ"

٦ مضامين قصة قارون :

قصَّ الله -سبحانه وتعالى- قصة قارون في القرآن الكريم؛ لنأخذ منها الدروس والعبر، وقد تضمّنت قصة قارون الكثير من العبر والعظات، منها:/ أنّ المال قد يكون سببًا في هلاك صاحبه، إذا لم يستخدمه فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأنّ الغنى المالي في الدنيا ليس دليلًا على محبة الله ورضاه عن صاحبه، فالله سبحانه وتعالى يعطيه للكافر والمؤمن، قال تعالى:/ "أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ" وأنّ الإنسان بطغيانه وتجبره قد يحول ما بين يديه من نعمة إلى نقمة، وأنّ المال عرض زائل وأنّ ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا، وأن الله سبحانه وتعالى هو المنعم والمتفضل على عباده

٧ مواضع ذكر قصة قارون في القرآن الكريم :

ورد ذكر قصة قارون في القرآن الكريم في سورة العنكبوت وغافر والقصص ومن مواضع ذكر قصة قارون، قوله تعالى في سورة القصص:/ "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ، فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ"

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)

    ١ weziwezi.com