تلخيص قصير لقصة أصحاب الغار


بواسطة التلميذ(ة):
تلخيص قصير لقصة أصحاب الغار

١ مقدمة

قصة أصحاب الغار هي أحد الأدبيات الاسلامية، تروي أحداث ثلاثة رجال أووا للمبيت في غار، فلما دخلوه، انحدرت عليهم صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فدعوا الله بصالح أعمالهم فانفرجت الصخرة، وخرجوا من الغار.
يعد الحديث الذي حكي هذه القصة مصدرا مهما من مصادر الاستدلال لدي السلف حول مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة.

٢ قصة أصحاب الغار ودعاء المضطر:

تتحدث قصة أصحاب الغار عن ثلاثة رجال قد خرجوا وابتعدوا عن ديارهم ، وبينما هم كذلك تساقطت الأمطار الغزيرة ، ولم يجدوا مكان ليحتموا به سوى غار موجود بجبل كان بالقرب منهم ؛ فدخلوه ، ولكن السيول جرفت صخرة كبيرة من أعلى الجبل والتي انحدرت حتى سدت باب الغار عليهم ؛ فوجدوا أن كل السبل قد انقطعت بهم وكل الأبواب قد أُغلقت في وجوههم ؛ حيث أنهم لا يستطيعون زحزحة هذه الصخرة ، ولن يعرف أحد بخبرهم ، ولكنهم كانوا على يقين أن باب الله مفتوح لا يُغلق وأن قدرته فوق كل قدرة.

طلب أحدهم من الآخرين التوسل إلى الله تعالى بدعوة المضطر التي يرجو فيها ربه بأكثر عمل صالح قام به لوجه الله ؛ فبدأ الأول في التوسل إلى الله ببره بوالديه في كبرهما ، وكيف أنه كان يسقيهما الحليب قبل صغاره ، وذات يوم قد تأخر في عمله ؛ فعاد إلى بيته بعد أن نام والداه ؛ فلم يستطع أن يزعجهما في منامهما ، كما كره أن يسقي صغاره الحليب قبلهما ، وظلّ طوال ليلته ممسكًا بالإناء في يده وهو في انتظار أن يستيقظ والداه ؛ بينما يبكي الصغار على قدميه يريدون الطعام حتى مطلع الفجر.

وبدأ الثاني في التوسل إلى الله بمدى خوفه منه عزّ وجل ، وكيف أنه ابتعد عن الفواحش مع مقدرته على فعلها وتيسر الأسباب لذلك ؛ حيث أنه كان يحب ابنة عمه بشدة ؛ فراودها مرارًا عن نفسها ؛ ولكنها كانت ترفض حتى أصابها أمرًا جعلها في أمس الحاجة إليه ؛ فاضطرت لقبول طلبه مقابل مبلغ من المال ، وحينما قعد منها وكأنها امرأته ؛ أضاء في قلبه الخوف من الله ؛ فابتعد عنها وترك لها المال ، وهو يرجو بذلك رحمة الله تعالى.

وقد توسل الرجل الثالث بأمانته ؛ حيث أنه قام باستئجار أجير كي يعمل له أحد الأعمال ، وحينما انتهى الأجير من عمله عرض الرجل الأجر عليه ، ولكنه تركه زاهدًا فيه ، وعلى الرغم من أن الأجير قد تركه بنفس راضية ، إلا أن هذا الرجل حفظ له أجرته التي رعاها ونمت حتى تضاعفت وأصبحت مالًا كثيرًا ، وحينما جاءه الأجير بعد مدة طويلة طالبًا أجره القديم ؛ أعطاه كل ما جمع من أجله من المال ، وقد استجاب الله تعالى لهم جميعًا ؛ حيث كانت الصخرة تتزحزح قليلًا كلما ذكر أحدهم الدعاء الخاص به ؛ حتى انفرجت الصخرة تمامًا بعد الدعاء الأخير ، وخرجوا من الغار دون أي ضرر.

٣ الدروس المستفادة من قصة أصحاب الغار:

  • التوسل إلى الله وحده بالدعاء والسؤال عن يقين وإيمان
  • يستفيد الإنسان من أعماله الصالحة حينما تصيبه الشدة
  • جواز التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة
  • تقديم حب الله على حب الشهوات والمعاصي
  • الإخلاص في العمل الصالح وصدق النية وفعله ابتغاء وجه الله.

٤ الفوائد:

الفائدة الأولى:/

إن أقل الجمع في اللغة هو الثلاثة، لذلك فإن هؤلاء الثلاثة يمثلون المجتمع الإسلامي بأقل تجمعاته. ولو سألنا أنفسنا لو أن واحدًا من هؤلاء الثلاثة لم يكن عنده عمل صالح يرقى إلى قبول الله عز وجل، فما الذي يستفيده الآخران؟

نعم.. إن تكامل العمل الصالح بين أفراد الأمة هو السبيل الوحيد الذي سيزيل الصخرة الجاثمة على صدر الأمة.

نحن نسمع إلى الناس ينادون بالتكامل الاقتصادي والاجتماعي والتجاري... لكن الإسلام دعا إلى التكامل في العمل الصالح؛ لأنه الخيرية بذاتها، إذ إنه الركيزة الأساسية لباقي التكاملات.

وفي غزوة أحد، هذه الغزوة التي نزلت فيها آيات تتلى إلى آخر الزمان في هذه الغزوة مخالفة شرعية واحدة (ترك الرماة لمواقع على الجبل)، هذه المخالفة الشرعية كانت سببًا في الهزيمة، على الرغم من أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان بين صفوف المقاتلين!

هذه مخالفة واحدة.. فكم من المخالفات الشرعية في شخصية كل مسلم وفي بيته وحيه ومجتمعه؟!

فلا بد من تكامل العمل الصالح بين أفراد الأمة؛ حتى ينظر الله إلينا بعين فرجه. ومن هنا تكون المسئولية على كل فرد بتأدية واجباته؛ من أجل أن ينال حقوقه فيما بعد.

2- الفائدة الثانية:/

في قصة النفر الأول الذي وقف على رأس والديه حتى استيقظا إشكالية تستدعي التساؤل التالي:/ إن هذا الفعل الذي فعله، ليس فرضًا ولا واجبًا، ومع ذلك فهو ارتقى لأنْ يقبله الله عز وجل، ويفرج عنهم بسببه، ولو أن هذا الرجل اكتفى بأن احتفظ لوالديه بنصيبهما من الغبوق لكفاه ذلك، ولما دخل في دائرة الحرج.

فما هو الشيء الذي ارتقى بهذا العمل إلى هذه الدرجة من القبول؟! إن هذا ما يسمى بالشعور بالتأنق، وهو أن يلزم الإنسان نفسه بأمر (طبعًا له أصل في الشريعة)، ومهما كانت الأسباب ومهما كانت الظروف فإنه يحافظ عليه، وهذه المحافظة هي التي جعلت عمل ذلك الإنسان يرقى للقبول من الله عز وجل.

وكل مسلم يستطيع أن يجعل ذلك في حياته، فيتصدق بصدقة ويحافظ عليها، ويصلي صلاة ويحافظ عليها. وبالتالي تتحول هذه المحافظة إلى درجة عالية من القبول، وهذا مصداق الحديث "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".

3- الفائدة الثالثة:/

في قصة النفر الثاني جريمة اجتماعية كبيرة، هذه الجريمة هي التي دفعت بالفتاة أن تتنازل عن أغلى ما تملك.. إنها جريمة الفقر التي حاربها الإسلام محاربة لا هوادة فيها، بل جعل هذه المحاربة من أهدافه الأساسية.

وما الزكاة وما الصدقات والكفارات والنذور في وجه من وجوهها إلا لتحسين وضع الفقراء في الأمة، ودفع غوائل الفاقة عنهم.

إن سقوط أي فقير في المحظورات يشاركه في الإثم أغنياء الأمة؛ لأن الله فرض في أموالهم ما يسع فقراءهم. وإن تقصير الأغنياء هو الذي أوصل الحالة الاقتصادية الإسلامية إلى ما هي عليه في هذه الأيام.

4- الفائدة الرابعة:/

كل واحد من هؤلاء النفر الثلاثة، كان له موقع.. فالنفر الأول يمثل علاقة الفرد مع محارمه وأقاربه، والنفر الثاني يمثل علاقة الفرد مع غير محارمه، والنفر الثالث يمثل علاقة الفرد مع ربِّ عمله وعلاقة رب العمل مع عامله.

وهذه العلاقات تمثل بمجملها مجمل العلاقات الاجتماعية في المجتمع، وقد وضع هؤلاء الثلاثة ثلاثة من الأخلاق المطلوبة في كل جهة من هذه العلاقات.. والمجتمع يحتاج إلى هذه الصفات الثلاثة وهي:/ البر، والتعفف، والأمانة.

فإذا كانت العلاقات مع الأقارب والأرحام يلفها البر والرحمة، والعلاقات الاجتماعية الأخرى يلفها التعفف والخوف من الله، والعلاقات المادية والتجارية تلفها الأمانة. فأيُّ مجتمع هذا المجتمع! وأي علاقات هذه العلاقات! وكأنها بهذه الصفات سمت في أعلى درجات المدنية، وتبوأت أعلى مراتب الكمال.

5- الفائدة الخامسة:/

إن الدعاة إلى الله -عز وجل- يجب أن لا ييئسوا من أي إنسان، مهما كبرت وعظمت معاصيه.. ولعل النفر الثاني يعطي مثالاً للمنغمس في المعصية والمخطط لها.. ولكنه بعد هذا التخطيط وهذا الإصرار، في لحظة من لحظات الحياة ولحظة من لحظات الوقوف مع الذات.. ترك كل شيء.. ولا لشيء إلا لله رب العالمين.

إن اليأس من أي إنسان مخالف للشريعة الغراء، ولنهج سيدنا محمد عليه السلام. ولعل اليأس من أي إنسان في حقيقة من حقائقه، ووجه من وجوهه - فقرٌ بما لدى الدعاة من أساليب، وشح بما لديهم من إمكانيات، وكما يقول إقبال:/ "هناك من أهل الحرم من جفا الحرم؛ ذلك لأن حادي الركب لم يجد الكلام الذي يسحر به القلوب".

6- الفائدة السادسة:/

إن من أهم فوائد هذا الحديث -وكما قال النووي رحمه الله- وكما هو واضح في آفاق الحديث، جواز التوسل بصالح الأعمال عند وقوع المسلم في ضيق وفي حرج.

إلهي! بحثت عن عمل صالح أتوسل به إليك فلم أجد إلا محبتك ومحبة رسولك، فاجعل هذا العمل الصالح منقذًا لنا من كربات الدنيا والآخرة.. آمين.

المراجع التي إعتمد عليها التلميذ(ة)